نجحت شركة فودافون في الحصول على ترخيص العمل بسوق الإتصالات القطرية منهية بذلك إحتكار شركة كيوتل لهذا القطاع الحيوي الذي يدر عليها أرباحا تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات سنويا. يأتي كسر الإحكتار هذا في وقت بدأت فيه صورة سوق الاتصالات في الشرق الأوسط تتعرض لتغير جذري في السنوات الأخيرة، بعد أن تحول القطاع الذي كانت تسيطر عليه الحكومات في وقت من الأوقات إلى سوق متحرر يسمح بالمنافسة المفتوحة بين متنافسين إقليميين ودوليين.
وأدت المنافسة الشرسة من أجل الوصول إلى هذه الأسواق إلى ارتفاع أسعار رسوم الترخيص، ولكن من المفترض أن يكون ذلك في مصلحة المستهلكين الذين يستفيدون من تحسين الجودة والمزيد من الخدمات وقيمة أفضل على المدى البعيد. وقد استثمرت الشركات المتنافسة فى هذا السوق حتى الآن أكثر من 5 مليارات دولار، وتتنافس على سوق متطور متسع قد يصل إلى أكثر من ثلاثين مليون مشترك فى غضون العامين المقبلين. بينما تشهد الشركات العملاقة صراعا مريرا فيما بينها، تواجهها جميعا تحديات حقيقية فى علاقتها مع الحكومات التي تتعامل معها. لكن أفضل ما فى هذه الحرب أن استثمارات ضخمة تتدفق الآن على سوق الاتصالات وتُنفق فى البنيات التحتية التى ستتيح مقدرات تنافسية أعلى. فمثلا شركة موبيتل بعد دخول (إم تى سى) الكويتية رصدت أكثر من 500 مليون دولار لتطوير خدماتها وهي تخدم اليوم ما يزيد على مليوني مشترك.
ولا يمكن وصف سوق الاتصالات في الشرق الأوسط على أنه متجانس، إذ إن بعض الأسواق متحررة أكثر من غيرها. ولكن السوق الإقليمية ككل أصبحت أكثر انفتاحا على المنافسة مدفوعة بمتطلبات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. ذلك أن معظم البلدان العربية انضمت إلى المنظمة، التي تطلب من أعضائها الموافقة على تحرير أسواق الاتصالات المتنقلة فيها.
ويسير سوق الإتصالات في الشرق الأوسط في خطين متوازين، فمن جهة هناك جذب لشركات الإتصالات العالمية، وخصوصا الأوروبية منها، للإستثمار في المنطقة، لكن بالقدر ذاته هناك توسع ملحوظ من الشركات المحلية يترافق مع نزوع مدروس نحو الأسواق الإقليمية والعالمية العربية وغير العربية.
فالشركات الغربية التي تعاني من أسواق مشبعة اندفعت بسرعة شديدة من أجل اكتساب حصة من قطاع الاتصالات العربي السريع النمو وخصوصا مع اتجاه الإنفتاح المتنامي في أسواق الشرق الأوسط. فوجدنا شركة فودافون البريطانية تتواجد بقوة في الشرق الأوسط إذ تملك 55 في المئة من شركة فودافون مصر، وهي أكبر مشغل للمحمول في مصر. في الوقت ذاته، تمتلك شركة فرانس تيليكوم (أورانج) ما نسبته 71 في المئة من أسهم شركة «موبينيل» المصرية وحصة مسيطرة في شركة الاتصالات الأردنية، في حين تمتلك مجموعة «فيفندي» الإعلامية الفرنسية 53 في المئة من أسهم وتشغل شركة «ماروك تيليكوم» في المغرب.
بالمقابل، وعلى صعيد الشركات المحلية الوطنية وجدنا شركة الاتصالات السعودية، وهي أكبر شركة عربية للاتصالات من حيث القيمة السوقية تلج أسواقا عالمية جديدة لها، إذ وقعت الشركة اتفاقا في شهر يونيو/ حزيران 2007 لشراء 25 في المئة من أسهم شركة «ماكسيس» الماليزية و51 في المئة من أسهم وحدة «ماكسيس» في إندونيسيا. وبلغت قيمة الصفقة 3 مليارات دولار وكان هدفها الدخول إلى أسواق إندونيسيا والهند. وفازت الشركة في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 بحصة تبلغ 26 في المئة في شركة المحمول الثالثة في الكويت بمبلغ 907 ملايين دولار، متغلبة على مؤسسة الإمارات للاتصالات في هذه العملية.
وأخيرا، اشترت شركة قطر للاتصالات (كيوتل) حصة تبلغ 51 في المئة من شركة اتصالات «الوطنية» الكويتية في شهر مارس / آذار 2007 مقابل 3,7 مليارات دولار في أكبر صفقة للاتصالات المتنقلة في الخليج بعد أن فتح سوق الاتصالات في الدولة للمنافسة هذا العام. وتضم الشركة التي تعمل في عمان وإندونيسيا وسنغافورة قاعدة زبائن تصل لما يقرب من 12 مليون مشترك في 11 بلدا
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1937 - الثلثاء 25 ديسمبر 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1428هـ