وتقوم الاستراتيجية الصينية على تقديم المساعدات للدول الإفريقية من دون أي شروط سياسية مسبقة بهدف تسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الإفريقية، ومواصلة تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية معها.
وعلى المستوى السياسي تطورت العلاقات بين الطرفين، ففي العام 2005، تكررت المشاورات وأعمال التعاون بين الصين والدول الإفريقية في الشئون العالمية بصورة أكثر. لقد أيدت الصين الإتحاد الإفريقي في لعب دور القيادة في الشئون الإفريقية وتنفيذ «خطة إفريقيا لتطوير شركاء جدد»، وأيدت مطالبها المعقولة في مناسبات متعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية والأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، أيدت دول إفريقية كثيرة قضية توحيد الصين و»قانون مكافحة تقسيم الوطن» الذي وضعته الحكومة الصينية. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2005، تحقق تطبيع العلاقات بين الصين وجمهورية السنغال. حتى الآن، بلغ عدد الدول الإفريقية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين 47 دولة.
وتتبع الصين في علاقتها مع الدول الإفريقية مبدأ «عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول», وتقدم نفسها دائما باعتبارها بلدا ناميا، لتضمن التقرب للدول والشعوب الإفريقية، الأمر الذي شجع العديد من الدول الإفريقية على التعاون مع الصين، إذ يمكن لدول القارة الإفريقية إقامة اتفاقيات تعاون اقتصادي مع الصين غير مرتبط بمشروطية سياسية كما هو الحال مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والمنظمات الاقتصادية الدولية «البنك الدولي وصندوق النقد الدولي».
وحمل العام 2006 مغزى تذكاريا في تاريخ علاقات الصداقة الصينية - الإفريقية. ففي يوم 12 يناير/ كانون الثاني 2006 ، أصدرت الحكومة الصينية لأول مرة «وثائق حول سياسة الصين تجاه إفريقيا»، استعرضت فيها تاريخ علاقات الصداقة الصينية - الإفريقية خلال أكثر من نصف قرن، وشرحت مكانة ودور إفريقيا في الوضع الجديد، وأوضحت بصورة منتظمة وشاملة إتجاه وأهداف سياسة الصين تجاه إفريقيا. وفي خريف 2006، أقيم مؤتمر قمة بكين لـ «منتدى التعاون بين الصين وإفريقيا» والمؤتمر الوزاري الثالث بين الصين والدول الإفريقية، إذ اجتمع قادة الصين والدول الإفريقية في بكين ليصمموا المشروع العظيم للصداقة والتعاون بين الصين والدول الإفريقية.
ويعتقد خبراء في العلاقات الصينية الإفريقية أن «التسخين الافريقي» في الدبلوماسية الصينية يعكس تنامي اهتمام وانتباه الصين إلى هذه القارة ورغبتها في توسيع وتعميق العلاقات الثنائية .إلى ذلك أشار الخبير في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة شو ويتشونغ بقوله: «إن التسخين الإفريقي» للصين لم يأت فجأة أو كان وليد اللحظة لكنه موقف مستمر في تعزيز علاقات الصداقة التقليدية.
ويعزز العالم في الدراسات الافريقية في المعهد الصيني للدراسات الدولية وانغ هونغ يي من هذا الإتجاه إذ يؤكد «أنه من الضروري تقوية التعاون الصيني الإفريقي تحت الوضع الحالي للعولمة الاقتصادية لأن الصين والدول الإفريقية تواجه معا وعلى حد سواء تحديات التطور والتنمية. واعتبر وانغ أن إفريقيا شريك لاغنى عنه للصين ويحتاج الجانبان إلى الدعم المتبادل في التعامل مع الشئون الدولية».
وبما أن الصين أكبر دولة نامية، وإفريقيا قارة تتركز فيها أكثر دول نامية، وتتحلى كل منها بتكامل اقتصادي قوي ومستقبل تعاون رائع في مجالات السعي وراء التنمية والنهوض وغيرها، هذا الأمر يمهد أمام علاقات سياسية وتجارية متميزة بين الطرفين. وفي الوقت الحالي، وبفضل التنمية التجارية السريعة نسبيا بين الصين والدول الإفريقية، ارتفعت القيمة التجارية الثنائية من 12,11 مليون دولار أميركي في بداية خمسينات القرن الماضي إلى 10,5 مليارات دولار في العام 2000، و29,4 مليار دولار في العام 2004، و40 مليار دولار في العام 2005. ومن أجل زيادة تقديم التسهيلات لدخول البضائع الإفريقية أسواق الصين، طبقت الصين، منذ أول يناير/ كانون الثاني 2005، سياسة إعفاء الرسوم الجمركية لـ 190 نوعا من صادرات البضائع الإفريقية إلى الصين من 28 دولة إفريقية أقل تطورا، ما أدى إلى زيادة قيمة صادرات الدول الإفريقية المعنية إلى الصين أكثر من الضعف. وبالإضافة إلى ذلك، تسارعت خطوات استثمارات المؤسسات الصينية في إفريقيا، وخلال الفترة بين يناير/ كانون الثاني وأكتوبر/ تشرين الأول 2005، وصلت القيمة الاستثمارية الحقيقية للمؤسسات الصينية في مختلف الدول الإفريقية إلى 175 مليون دولار، احتلت عشر مجمل القيمة الاستثمارية الصينية في الدول الإفريقية خلال السنوات الماضية
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1936 - الإثنين 24 ديسمبر 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1428هـ