العدد 1935 - الأحد 23 ديسمبر 2007م الموافق 13 ذي الحجة 1428هـ

سلامات

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عرفته منذ الأشهر الأولى لصدور «الوسط»، زميلا مجتهدا يحمل على كتفه مصوّرته الثقيلة، ويأتي بالصور واللقطات الطازجة من الميدان.

كرّمته وزارة العمل ضمن العاملين المتميّزين العام 2004، وكرّمته محافظتا المحرق والوسطى في 2006، وكرّمه مجلسا النواب والشورى في 2007، بينما كرّمته الصحيفة أربع مرات.

في بداية الصدور، كان النصّ يغلب الصورة نظرا لمحدودية الصفحات وشحّ المساحة، فكان يحارب من أجل نشرها، لأنّ الصورة هي صنو الخبر. وكان تعاملي مع محمّد المخرق (ابو سلمان) يقتصر على عشرة أيام فقط في السنة، لتغطية فعاليات موسم «عاشوراء». في العام الأخير، اتسعت دائرة التعامل باشتراكنا في تغطية بعض القضايا الكبرى، من فشتي الجارم والعظم، خليج توبلي، ولا تنسوا جدار وحظور المالكية (2005 - 2007). وفي حالة الجدار كان شاهد صدق في تزويد القارئ بآخر اللقطات، إذ كان يتابع قيام الجدار طابوقة طابوقة، ثم تفكيكه يوما بيوم، إذ كان يواظب على زيارة المالكية ثلاث مرات يوميا، لمدة 45 يوما: الساعة السادسة صباحا، وعند الظهيرة، وساعة الغروب.

عندما تسأله عن أهم إنجازاته التي يعتز بها، لن يشير إلى المالكية أو حملة الدفاع عن البيئة المستباحة في الفشوت أو توبلي، وإنما سيقول من دون تردّد: «سعادتي عندما يتصل بي المحرّر ليقول إن العائلة الفقيرة التي نشرنا صور منزلها الآيل للسقوط (خلاص) ستحل مشكلتها».

يؤمن بعمقٍ أن مهنة المصوّر الصحافي تحتاج إلى صبر كبير، وربما أتطفّل قليلا فأضيف أنها تحتاج إلى اجتهاد وتضحية، وربما إلى عشق أيضا لتتميّز في عملك... فمن دون عشق العمل تتحوّل حتى أجمل المهن إلى روتين مضجر وممل قد ينتهي إلى الإصابة بارتفاع الضغط وتصلّب الشرايين.

شخصيا، وفي نطاق العمل، هو من القلائل الذين أتصل بهم ويتصل بي في أي وقت من ساعات الليل والنهار، وأبقى معه على اتصال حتى في الإجازات الطويلة أو السفر، فهو بفعل وظيفته، لديه آخر الأخبار والتفاصيل، من جلسات النواب التي تطول 6 ساعات، إلى «حوار المنامة» الذي عقد في الفترة الأخيرة. إذا أردت أن تعرف حجم مظاهرةٍ ما، أو شعارات مسيرة ما، أو موعد مؤتمر اقتصادي أو ندوة ثقافية، بل أحيانا للتأكد من موقع فندق ستعقد فيه فعالية معينة... ستجد عنده الجواب.

هذا الزميل المجتهد الجاد، سقط مغمى عليه وهو يؤدي واجبه مع غروب يوم الخميس الماضي، أثناء تغطيته لما يجري على شارع البديع، وصادف أن كنت متصلا به لحظتها، ولأول مرةٍ لم يردّ عليّ، وسمعت صوته يأتي خفيضا وهو يحدّث شخصا آخر قائلا: «ردّ عليه»، وهكذا قال لي: «إنه لا يستطيع الرد»، قلت له مطمئِنا: «قل له أنا صديقه» فردّ عليّ: «إنه في حالة صعبة»... وانقطع الاتصال.

بعد ساعة، عاودت الاتصال، فأجابني مرافقه أنه راقدٌ بالمستشفى بسبب اختناقه بالغازات المسيلة للدموع. وعندما سألته أمس، قال إن قذيفة سقطت خلفه، ولما أراد أن يتقدّم للأمام سقطت قذيفةٌ أمامه، فأخذ يجري للخروج من وسط الدخان الكثيف، ولم يدرك ما جرى بعدها إلاّ وهو ممدّدٌ على سرير المستشفى.

في الماضي كنت أتصل به مرة أو مرتين في اليوم حسب الحاجة، أما في الأيام الثلاثة الأخيرة فقد ازدادت اتصالاتي به إلى ثمانٍ أو عشر مرات وأصبحت أخاف عليه، وعندما صارحته بذلك ضحك... سالم، وما تشوف شر يا بوسلمان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1935 - الأحد 23 ديسمبر 2007م الموافق 13 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً