العدد 1934 - السبت 22 ديسمبر 2007م الموافق 12 ذي الحجة 1428هـ

البطالة والعمالة الأجنبية

ثمة صلة مرتبطة ارتباطا وثيقا بين البطالة المتفشية في البحرين والعمالة الأجنبية من جهة، وبين الفساد المالي والإداري المستشري في قطاعات كبيرة تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني من جهة أخرى.

فالفساد المالي والإداري – من وجهة نظرنا المتواضعة – المتفشي هو الآخر بشكل مخيف ومفزع في الكثير من القطاعات الأهلية والرسمية والشركات والمؤسسات المختلفة، يمثل منعطفا خطيرا لارتفاع نسبة العمالة الأجنبية، وبالتالي ارتفاع معدل البطالة إلى درجة تفوق الحد الأعلى، لوجود تلك العمالة الأجنبية التي تمثل عبئا كبيرا وتهديدا للاقتصاد الوطني وتشكل خطرا بليغا على المدى البعيد على العلاقات الأسرية والروابط الاجتماعية.

كما يؤثر تأثيرا كبيرا على العادات والتقاليد والقيم والتراث والموروث الوطني، وهي عقبة كأداة في طريق التطور والتقدم والازدهار والأمن والرخاء للمواطن والوطن على حد سواء، وما إليه من مساوئ ومخاطر لا تعد ولا تحصى.

وهذه المشكلة المزمنة - العمالة الأجنبية - تعاني منها الكثير من الدول وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي، إذ بلغ عدد الأيدي العاملة الأجنبية فيها نحو 13 مليون نسمة، بنسبة 42 في المئة من مجموع العمالة الوطنية في تلك الدول كافة، وتقوم تلك العمالة الأجنبية بتحويلات مالية تصل إلى نحو 12 مليار دولار سنويا، وعلينا أن نتأمل ونتفكر ونتدبر ونشحذ الهمم للتعامل مع تلك المعطيات والنتائج المهولة.

فاليوم، نحن مطالبون جميعا بالتصدي لظاهرة العمالة الأجنبية، ووضع حد لها على المستوى الأهلي والرسمي، ومحاربة الفساد المالي والإداري بجميع أشكاله وألوانه، وكذلك البيروقراطية المقيتة التي تطل علينا برأسها في كل مكان، ومكافحة الهيمنة الفردية، وأصحاب المنافع الخاصة الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الفردية والشخصية، وتسيطر عليهم الأنانية وحب الذات.

ولنكن أكثر جدية وموضوعية في التخلص من العمالة الأجنبية، ووضع خطة وطنية لوضع نهاية لها، وخلق أجواء صحية، وبيئة نقية تعود على البلاد بالمنفعة والصالح العام، وإفساح المجال لتوفير وظائف عمل للآلاف من العاطلين والقضاء على البطالة بصورة سريعة ودائمة.

وهذا لا يتسنى طبعا إلا بتظافر الجهود من جميع الجهات والأطراف، وسن القوانين والتشريعات وضرب بيد من حديد كل المتلاعبين والعابثين بمصالح المواطن والوطن، وإيقاف كل النفعيين والمستغلين والمتاجرين بلقمة عيش المواطن وتهديد مصيره وأمنه الاجتماعي ومستقبل الأجيال المقبلة.

إن من أهم الأمور الأساسية والحساسة التي يجب أن يبثها مجلسا النواب والشورى هي مسألة البطالة والعمالة الأجنبية، التي تقض مضاجع المواطنين وصناع القرار في هذا الوطن الآمن، لما تشكله من قلق دائم وتهديد لمصالح المواطن من جهة، وللاقتصاد الوطني والصالح العام من جهة أخرى.

إننا ندعو جميع الجمعيات والمؤسسات الوطنية والسياسية، وكل الأطراف والمعنيين بالأمر إلى أن تتعامل مع هذا الموضوع بصرامة تامة، وأن تضعه على سلم الأولويات كونه يمثل (قضية ومطلبا وطنيا عاما) يهم جميع الأطراف والأفراد في البلاد، ويهدد المصالح الوطنية، وفي مقدمتها الاقتصاد الوطني.

محمد خليل الحوري

العدد 1934 - السبت 22 ديسمبر 2007م الموافق 12 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً