على رغم أن رحيله كان طعنة في الصدر أدمت قلوبنا، وصدمة جعلتنا نتوقف للحظات كثيرة نبكيه بألم وأسى، إلا أننا لا نملك إلا الاستسلام لقضاء الله وقدره الذي حتم عليه الموت متأثرا بعملية جراحية فاشلة في ديار الغربة... إنه الوالد الحنون الذي وافته المنية بعيدا عنا... وما أقساه من بعد وما أمره من فراق.
يا والدي...
ودعناك الوداع الأخير...
ووري جثمانك الطيب الثرى
وأودعت روحك إن شاء الله في الجنة
وحشرت مع الأتقياء والصالحين
يا والدي
غادرتنا وكلنا أسى لفراقك
وكلنا حزن
فلا شيء يعوض فقدك يا والدي الحنون
ولا الأيام ستعود وتمنحك عمرا جديدا
ولا الزمن سيتوقف برهة لنراجع حساباتنا معك
وينظر كل منا ماذا قصر في حقك
وماذا قدم لك يا والدي؟
ذكرياتنا معك كثيرة
فلك في هذه الدار في كل زاوية حكاية
ومازالت رائحتك تملأ منزلك الخالي منك عبقا
يا والدي
منذ ان فتحنا أعيننا على هذه الدنيا ونحن نستظل بظلالك
وأنت تكدح لأجلنا وتبذل كل ما بوسعك من أجل راحتنا وهنائنا
ولكن المرض كسر شوكتك يا والدي
وأوصلك إلى أرذل العمر قبل أوانه
وجعلك تغامر بحياتك من أجل أن تتذوق طعم الشفاء ولو مرة واحدة
يا والدي
رحلت وكلنا تفاؤل بأنك ستعود مجددا معافى
وأنك كما خرجت ماشيا ستعود ماشيا
ولكنك عدت محمولا على الأكتاف
وكان بانتظارك نعشك قبلنا
انتظرنا بكل صبر يا والدي سماع صوتك والاستبشار خيرا
ولكنك لم تخرج من تلك الغرفة المظلمة يا والدي
وهناك فاضت روحك الطيبة
قتلك بعضهم قبل أن تموت يا والدي
ورحلت وفي قلبك الكثير من الحزن
أغمضت عينيك يا والدي وأنت في اشتياق إلينا
وكنا نعلم أننا آخر الأشياء التي وددت أن تراها
وأن محاولات الاتصال بنا لم تكن عبثا
وأنك يا والدي كنت تعلم أن غيابك أبدي
وأن فراقك محتم
وأن سفرك هذا سيكون السفر الأخير
ووداعك الوداع الأخير
انطفأ النور من البيت، وفاضت الدموع من المقل، وعلا الصراخ والنحيب
وأقيمت مراسم العزاء في قلوبنا قبل المآتم، واتشح الكل بالسواد، فقد غاب قمرنا
غاب عزنا، غاب الولي، غاب الحمي، غاب أغلى الناس وانطفأ نوره للأبد
أسكنك الله جنان الخلد يا والدي العزيز
في دعة الله
ابنتك المحبة لك دوما
حياة جعفر عبدالحسين
العدد 1934 - السبت 22 ديسمبر 2007م الموافق 12 ذي الحجة 1428هـ