العدد 1934 - السبت 22 ديسمبر 2007م الموافق 12 ذي الحجة 1428هـ

كن المعتدل الذي تبحث عنه

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

“يا أيها الذين آمنوا، كونوا قوامين بالقسط، شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين. إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعلمون خبيرا” صدق الله العظيم (النساء:135).

في مقال رأي نشر في “نيويورك تايمز” في السابع من ديسمبر/ كانون الأول، تتساءل أيان حرسي علي أين هم المسلمون المعتدلون. وتختتم أيان حرسي علي أن مجرد فكرة الغالبيّة المسلمة المعتدلة هو “توقع واهم”. ادعاءات أيان حرسي علي يكرر صداها الكثير من المعلقين البارزين على اليمين الأميركي، ومن خلال الحكم على التعليقات التي وردت إلى موقع “نيويورك تايمز” وبعضها من قبل الكثير من الأميركيين العاديين. ولكن الفكرة الشعبية السائدة بأن المسلمين في التيار الرئيسي لا يفعلون شيئا لإدانة الأفعال الفاحشة التي ترتكب باسم ديننا (بل الأسوأ من ذلك أنها تشجعها بسرية) ليست فقط مختصرة ومختزِلة وتفتقر إلى المعلومات بل إنها خاطئة بشكل خطير كذلك.

الغالبية العظمى من المسلمين البالغ عددهم 1،5 مليار نسمة معتدلون بالتأكيد، ومحبّون للحياة يرفضون التطرف العنفي والإرهاب. المسلمون المعتدلون موجودون حولنا، فهم المحامي وزوج المرأة التي اغتصبت في المملكة العربية السعودية، وكلاهما أعرب عن الاشمئزاز من القرار الذي اتخذته المحاكم السعودية، ووفد المسلمين البريطانيين الذين سافروا إلى السودان وعملوا مع عضو البرلمان السوداني غازي سليمان لضمان إطلاق سراح معلمة “الدب اللعبة” (وإثبات أن الخلاف برمّته يهدف إلى تحويل الأنظار عن دارفور أكثر ما هو عن الإسلام)، إلى مئات الآلاف من الأفراد المسلمين والمنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة وحول العالم الذين عبروا عن الصدمة والاشمئزاز من الحوادث التي ذكرتها أيان حرسي علي.

وتحذف أيان هذه الحقائق من قصتها بشكل يناسبها، تماما مثلما تلتقط سورة من القرآن الكريم خالية من المضمون، حتى تخلق عالما وهميا أسود وأبيض من المسلمين المتطرفين مقابل العالم الغربي المتحضر. نعم يا علي، الآية من القرآن الكريم تضع عقابا صارما للزنا، ولكنها تتطلب وجود أربعة شهود (وهو معيار شبه مستحيل التحقيق) والأهم من ذلك أن الآية تنص على أن العقاب يجب ألا يطبق على هؤلاء الذي يتوبون بصدق، وهذا يدحض نقاشك بأن القرآن الكريم يأمر المؤمنين ألا يبدوا تعاطفا ورحمة.

قد تستطيع علي أن تصنع عناوين الصحف من خلال كتابة جدليات تدين الإسلام على أنه “دين متخلف” وأنه “الفاشية الجديدة”، ولكن في هذه الأثناء، ستستمر المنظمات المسلمة، مثل تلك التي أنتمي إليها، (المسلمون من أجل قيم تقدمية)، أن تفعل بهدوء وإنما بفعالية، ما تستطيع لمجابهة الكلام الفارغ الذي ينقط حقدا، والذي يدرَّس على أنه إسلام، مع الأسف الشديد، في الكثير من الأماكن.

يوجد المسلمون المعتدلون والتقدميون في كل مكان، ولكن يجرى تجاهلنا وتهميشنا من قبل الإعلام والمعلقين أمثال أبان حرسي علي. يبدو أنه في عصرنا الذي تسوده الأصوات الإعلامية المقتضبة ذات السطر الواحد، سيسيطر النقد ذو النغمة الحادة العالية، على رغم عدم معرفته، وبشكل دائم على الحوار المنطقي الهادئ. إذا كانت علي جادة في دعم التسامح بين المسلمين، فقد يتوجب عليها أن تقضي وقتا أقل في كتابة مقالات باهتة مضللة ومشتتة للأنظار ضد الإسلام، ووقتا أطول في مد يدها في اتجاه منظمات مثل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية والمسلمون من أجل قيم تقدمية والفاتحة وأخوات الإسلام. الأسلوب الوحيد لمنع “صدام الحضارات” من أن يصبح نبوءة ذاتية التحقيق هو بناء جسور بين مجتمعاتنا. لا يخدم تشجيع رسم كاريكاتوري بالأسود والأبيض أحدا، وبالذات هؤلاء المسلمون المتسامحون الذين لا تستطيع علي أن تراهم في أي مكان تنظر.

*نائب رئيس منظمة «المسلمون من أجل قيم تقدمية»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1934 - السبت 22 ديسمبر 2007م الموافق 12 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً