العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ

التغيير المناخي 3/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ربما ينبغي علينا التوقف عند ما يدعو له رئيس جماعة الأرض العذراء ريتشارد برانسون والتمعن فيما يحذر منه حين يقول مخاطبا مؤتمر بالي «إن المناخ بدأ يتغير ونحن بحاجة إلى أن نكتشف وسائل سريعة للتخفيف من أثاره بصورة مباشرة والاحتفاظ بقدر ما نستطيع على العناصر الحياتية على كوكبنا. إن أكثر الخطوات واقعية وإيجابية أن توافق الحكومات المشاركة في مؤتمر بالي على التوقف ومنع قطع الغابات الاستوائية بإجراءات مباشرة والتوصل إلى اتفاق تساهم الاقتصاديات الكبيرة والجماعات المناهضة لإنتاج الكربون من تمويلها».

ويضع برانسون مؤتمر بالي أمام تساؤل في غاية الأهمية «لماذا نعتبر هذا الأمر بالغ الأهمية»؟ وبالنسبة له فإن الأمر يعني «أنه في الخمسة أعوام المقبلة الكربون الصادر من حرق الغابات الاستوائية لوحده سيكون أكبر بكثير من كل الكاربون الصادر منذ أول رحلة بالطائرة العام 1903 ولغاية 2025».

الملفت للنظر في موضوع مخاطر التغير المناخي أنها لن تتوزع بالتساوي على دول العالم، إذ يبدو أن القارة السمراء هي التي ستنال حصة الأسد من تلك المخاطر. هذا ما تشير إليه بيانات اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التي تحذر من أن مستويات المياه قد انخفضت بصورة مهمة في كبرى بحيرات القارة ومنها بحيرة فيكتوريا، فيما فقدت بحيرة تشاد 90 في المئة من مياهها في الفترة بين 1973 و 2002. بالقدر ذاته، أعربت منظمة الأمم المتحدة عن قلقها تجاه مدى تأثير التغيير المناخي على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في القارة جراء انخفاض المحاصيل المعتمدة على ري الأمطار بنسبة 50 في المئة. كذلك، يؤثر التغيير المناخي على وفرة المياه في السدود ما ينعكس سلبيا على قدرة القارة الإفريقية على التنمية الصناعية.

ومن المقدر أن تساهم المبادرة المشتركة بين اللجنة الاقتصادية لإفريقيا ومركز مصادر الطاقة بإقامة المركز الإفريقي، في تحقيق النمو المستديم الطويل المدى، ومساعدة بلدان القارة على اتخاذ التدابير العملية الضرورية، وإدماج إدارة مخاطر التغيير المناخي في خططها التنموية.

ومن المقدر أيضا أن يساعد المركز الإفريقي على تطوير قدرات بلدان القارة بالاستعانة ببرنامج معلومات المناخ في خدمة التنمية - إفريقيا، الجاري العمل به بالتعاون بين الاتحاد الإفريقي ومصرف التنمية الإفريقي.

كل تلك الجهود والمساعي لم تقلص من مخاوف رئيسة المجموعة الإفريقية في مؤتمر بالي، وزيرة البيئة في حكومة نيجريا حليمة تايو، وتشاؤمها، أن جاز لنا التعبير، من إمكان تنفيذ عمل ملموس إزاء هذه الظاهرة الخطرة، فوجدناها تخاطب مؤتمر بالي ذاته بالقول «يتكرر مرة تلو الأخرى عن تعزيز القدرات الإفريقية على مواجهة وقع التغيير المناخي لكن الجهود المبذولة، حتى الآن، تتركز في تنظيم ندوات وورش عمل أكثر منها مشروعات تجريبية رائدة يتم الاستعانة فيها بالخبرات المحلية لتنفيذها».

هذا الأمر هو الذي يفسر إصرار البلدان الإفريقية المشاركة في مؤتمر بالي على ضرورة تأسيس صندوق لتطوير التكنولوجيات ونقلها، تتوافر له الأرصدة اللازمة، من أجل تحقيق انخفاضات مهمة في انبعاث غازات الاحتباس الحراري.

وقد استندت البلدان الإفريقية في مطلبها إلى أن الدول الصناعية ملتزمة، بموجب اتفاقية التغيير المناخي للأمم المتحدة وبروتوكول كيوتو، بتطوير ونقل التكنولوجيات المناسبة لمواجهة تداعيات التغيير المناخي على إفريقيا.

ولربما كان على بعض الدول الإفريقية أن تستفيد من تجربة البرازيل التي تعتبر من بين الدول القليلة، خصوصا عند الحديث عن الدول النامية، التي شرعت في اتخاذ خطوات عملية إزاء أخطار التغير البيئي، فقد قررت الحكومة البرازيلية تكثيف جهودها لوقف ظاهرة انقراض غاباتها الأمازونية التي تتسبب، بالإضافة إلى الحرائق، في 75 في المئة من غازات الاحتباس الحراري المنبعثة في البلاد، وذلك من خلال إنشاء صندوق طوعي لحماية الأمازونية البرازيلية، بمساعدة النرويج. وتعهدت البرازيل بإقامة هذا الصندوق في المنتصف الأول من العام المقبل، برأس مال أولي قدره 150 مليون دولار، وبمساهمة نرويجية تبلغ 100 مليون. وسيشرف على إدارة الصندوق مجلس استشاري مكون من ممثلين عن الحكومة المركزية، وسلطات الولايات البرازيلية، والمنظمات غير الحكومية، والعلماء البرازيليون والأجانب، والشركات أيضا. وتضاف هذه الخطوة إلى سلسلة الجهود التي بذلتها الحكومة البرازيلية حتى الآن والتي توجت بتخفيض معدل زوال غاباتها الأمازونية إلى النصف على مدى الثلاث سنوات الأخيرة.

تبقى هناك عقبة كأداء أمام تلك الجهود، تلك هي الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر أكبر دولة تساهم في التغير المناخي، وهي في الوقت ذاته أشد المعارضين لاتخاذ إجراءات عملية تحد من سرعة وتيرة هذا التغير. مثل هذه النتيجة يؤكدها مساعد وزير الخارجية للقضايا العالمية ورئيس المفاوضين بشأن المناخ من 1998 ولغاية 2001 فرانك لوي، الذي يطالب الولايات المتحدة بتبنى برنامج وطني لتخفيض إنتاج الكربون.

ويؤمن لوي بأن النشاط المحلي للولايات المتحدة هو شرط مسبق لاتفاقية فعالة تشارك فيها بقية الدول الرئيسية. ويذهب إلى القول إنه «إذا ما استمرت الولايات المتحدة بإهمال هذا الموضوع ولم تشرع قانونا محليا فليس الصين أو الهند سيرفضان الإجراءات الباهظة بل حتى مجلس الشيوخ الأميركي سيرفض الموافقة على اتفاقية دولية خصوصا بالمناخ»

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً