منذ اكتشاف العلماء العلاقة المطردة بين تركيز غاز ثاني اكسيد الكربون في الهواء الجوي والتغييرات المناخية الحاصلة، انصبت الجهود العالمية لتوضيح الخطر الذي قد يهدد الجنس البشري إذا لم تتخذ الخطوات العملية في مجالات البيئة والطاقة لتقليل إسهامات التلوث الكربوني. للدلالة على أهمية هذا الموضوع فقد تم اختيار نائب الرئيس الأميركي السابق آل جور بسبب فيلمه الوثائقي “حقيقة غيرمقنعة” واللجنة الدولية للتغييرات المناخية التابعة للأمم المتحدة لتقاسم جائزة نوبل للسلام لهذا العام وتم أيضا إختيار “محاربة التغييرات المناخية” كعنوان رئيس لتقرير التنمية البشرية لهذا العام (2007-2008).
يحاول هذا المقال تحليل الأرقام المتضمنة للعام 2004 في تقرير التنمية البشرية الصادر حديثا والمختص بانبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون مع التركيز على دول مجلس التعاون الخليجي. الجدول المرفق بالمقال يتضمن مقارنة بين الدول الخليجية من حيث تصنيف الدول الخليجية بين دول العالم في التقرير المذكور، الكميات المنبعثة بملايين الأطنان، النسبة المئوية للإنبعاث بالنسبة الى العالم، وأخيرا نصيب الفرد من الكمية المنبعثة بالأطنان.
يلاحظ إن التقرير صنف جميع الدول الخليجية الستة في خانة “الدول الأكثر تطور بشريا” (وتشمل هذه الفئة 70 دولة). الملاحظ إن جميع دول المجلس أحرزت نتائج أفضل من دول معروفة بتطورها وصناعاتها وبثرواتها البشرية كماليزيا والبرازيل وروسيا!
مؤشر التطورالبشري المعرف بشفافية من خبراء الأمم المتحدة يعتمد على 3 عوامل رئيسة هي: متوسط العمر (دليل على الخدمات الصحية ومستوى المعيشة)، التعليم، ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي. بعض الأكاديميين ينتقد طريقة حساب المؤشر خصوصا عامل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي إذ الرقم قد لايمثل التوزيع العادل للثروة خصوصا للدول ذات الكثافة السكانية القليلة من المواطنين كدول الخليج الصغيرة المنتجة للهيدروكربونات لذلك ليس بالمستغرب حصول الدولة الأكثر سكانا (السعودية) على مرتبة متأخرة نسبيا. الدراسات الأكاديمية وجدت ان التذبذب في مراتب الدول قد يصل الى ± 10-15 رتبة باستخدام عدة طرق مختلفة لحساب المؤشر لذلك وبصورة عامة لابد ان نكون فخورين باننا في خانة “الدول الأكثر تطور بشريا” حتى وإن تذبذبت الرتبة عدة درجات صعودا أو هبوطا كل عام.
مجموع كمية غاز الكربون المنبعث من الدول الخليجية في العام 2004 بلغ 657.3 مليون طن و تمثل الكمية نحو 2.3 في المئة فقط من الإنبعاث العالمي. وبما ان معظم إنبعاثات الكربون من قطاع الطاقة لذلك من المنطقي أن تكون البحرين أقل الدول الخليجية إنتاجا للكربون بينما المملكة العربية السعودية أكثرها إنتاجا.
الملاحظ أن نصيب الفرد في جميع الدول الخليجية من كميات ثاني اكسيد الكربون أكثر من المعدل العالمي ( 4.5 أطنان) بعدة أضعاف.
السبب قد يكون إنخفاض عدد السكان في هذه الدول لكن مصدري الأنبعاث الرئيسين هما قطاعي الطاقة والمواصلات وبالتالي إرتفاع قيمة الأستثمارات في بناء المصانع ومحطات الطاقة والمصافي يؤدي الى رفع معدل نصيب الفرد وأوضح مثال هو دولة قطر، إذ إرتفع نصيب الفرد من إنبعاث الغازات من 24.9 طن العام 1990 الى 79.3 طنا العام 2004 بسبب الاستثمار الهائل في مشروعات الغازالصناعية ويعتبر هذا الرقم هو الأكبر في العالم.
من الممكن للفرد العادي أن يساعد في الجهود العالمية لتقليل انبعاث غاز ثاني اكسيد الكربون عن طريق تقليله من استخدام سيارته مثلا إذ إن قطاع المواصلات (بري/ جوي) يساهم بنحو 30 في المئة من مجموع الغازات المنبعثة. فما المانع لأي شخص أن يمشي الى البرادة أو الخباز أو الممشى القريب من البيت بدلا من إستخدام سيارته فالعلماء ينصحون بالمشي نحو 10,000 خطوة كل يوم لحرق 2100-3100 سعرة حرارية في الاسبوع وبالتالي تحقيق حياة صحية
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ