الجماهير هي ملح البطولات والمباريات، لذلك فإن حضورها صار أمرا ضروريا ولأسباب عدة، وما الحضور الجماهيري الكبير لبطولة مثل بطولة المرحوم الشيخ خالد بن حمد التي أقامها نادي اتحاد الريف وانتهت منذ أسابيع، أو حتى دورة التعارف باختلافها، إلا دلالة واضحة من مجموعة دلائل برهنت ومازالت تعطينا البراهين على أن ما يحدث من غياب للجماهير عن حضور مباريات المسابقات المحلية أمر ليس بالسهل ووراءه الكثير من المسببات، إذا ما استثنينا مسابقة كرة السلة هذا الموسم التي أمست مبارياتها تجتذب الكثير.
منذ أن جاءت الشركات المعنية بدخول الجماهير ورعاية المسابقات الواحدة تلو الأخرى والدوريات تحظى بحضور ضعيف وقياسي من الجماهير، إذا ما استثنينا بعض المباريات القوية، حتى أن بعض المباريات يمكن عد حاضريها بعدد أصابع اليدين، وهي مفارقة لم يصل إليها دوري كرة القدم مثلا منذ سنوات أو حتى دوري اليد، فكيف به هذا الموسم وسابقه وهو يحظى مثلا برعاية وبمسمى رئيس الوزراء لمسابقة كرة القدم.
لقد أصبح من المعروف لدينا في البحرين أن أية شركة راعية لمسابقاتنا هي في الأساس شركات راغبة وليست راعية، راغبة في زيادة دخلها بالدرجة الأولى وعدم خسارة أي مبلغ تقوم بدفعه للاتحادات من خلال رعايتها، والفارق كبير بين رعاة مسابقاتنا في البحرين ورعاة مسابقات دول الخليج، إذ بينما تقوم الشركات الراعية هناك بوضع جوائز عينية كبيرة لجذب الجماهير إلى جانب إدخال الجماهير بالمجان، نجد شركاتنا الراعية تزيد من مبلغ دخول الجماهير من دون أن تكون هناك جوائز تشجيعية، وإن وجدت هذه الجوائز فستكون مبلغا ماديا يبلغ 50 دينارا أو كرة قدم أو دراجة هوائية ولموسم كامل!
الحضور الكبير في الدورات الصيفية المقامة هنا وهناك دليل واضح على عدم قدرة المشجع البحريني على المضي قدما في تشجيع ناديه وسط المطالبات المادية الكبيرة، ونحن نرى أن الحضور يزيد بكثافة إذا ما قامت إدارات الأندية بشراء التذاكر وتوزيعها على الجماهير بالمجان وما سواه لا، وليس أحد يطالب هنا بأن تكون المجانية هي السائدة في بيع التذاكر، وإنما إيجاد حلول أخرى سيكون لها الأثر الأكبر في جذبهم إلى الملعب.
لماذا تفرض الاتحادات مبالغ دخول على الجماهير وهي التي تحصلت على رعاية لمسابقاتها، أليس من المنطقي أن تكون هذه الرعاية الباب الذي يسمح للاتحادات بدعوة الجماهير لحضور المباريات بكثافة، ثم لماذا تفرض مبلغ 500 فلس للشخص الواحد، الذي لا يمكنه دفع مبلغ كهذا في حال إذا كان من مشجعي مثلا فريق الأهلي فهو سيدفع لدخول مباراة القدم ثم السلة ثم الطائرة ثم اليد وكلها في أسبوع تكلف دينارين، هذا إذا علمنا أن المسابقات المحلية أصبحت تلعب بشكل مضغوط أي مباراتين في كل أسبوع، ما يعني أن الجمهور الواحد سيدفع في الأسبوع مبلغ 4 دنانير، ويصبح المجموع 16 دينارا في الشهر الواحد والمجموع الكلي 192 دينارا في السنة.
هنا يدعونا الحديث إلى مطالبة الاتحادات بالتفكير مليا في طريقة جديدة تساعد المواطن على حضور المباريات وبحماس من خلال تخفيض مبالغ الدخول وإيجاد الحوافز والجوائز التشجيعية وغيرها، ما يجذب الجماهير لحضور المباريات، ونرى مثلا في مسابقة للهجن في الإمارات، عملت اللجنة المنظمة على تشجيع الحضور من خلال وضع جوائز قيمة، ليس بعرض سيارة واحدة أمام الجماهير طوال الموسم، وإنما بعرض 20 سيارة في اليوم الواحد، و40 سيارة ستوزع في يومين فقط، ونحن هنا لا توجد.
المشكلة معروفة تماما يا جماعة وواضحة وضوح الشمس. وهو المبلغ الكبير المطلوب من الجماهير الراغبة في الذهاب للملاعب للمشاهدة ويساوي نصف دينار إلى دينار من دون وجود حوافز تشجيعية، وبالتالي يتطلب من الاتحادات وضع رؤية ثانية تصحيحية لجذب الجماهير إلى جانب وضع حوافز تشجيعية لحضورها من أجل أن تستعيد مدرجاتنا حيويتها.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2280 - الثلثاء 02 ديسمبر 2008م الموافق 03 ذي الحجة 1429هـ