سيطرة أولياء الأمور على أبنائهم موضوع قديم، والحب هو التبرير الأوحد لأولياء الأمور، ولكن الأبناء اليوم لا يفهمون ذلك، ويخشون من أن يتحول هذا الحب إلى نقمة تتصارع ومبادئ التحرر التي يتعلمونها في المدارس الخاصة.
التركيز على المدارس الخاصة ضروري؛ ذلك أن قيم الحرية فيها أكثر وضوحا من المدارس الحكومية. يقول المدرسون لطلبتهم: «ابنوا شخصياتكم بعيدا على التأثيرات والعادات القديمة»، ويكون الرد المنزلي خلاف ذلك، تضاربا ضحيته الطالب، أو ضحيته ذلك الفاصل بين التعليم والترهيب من جهة، وبين أولياء الأمور المتحررين الذين لا يرضون بالمدارس الحكومية والدكتاتوريين في الوقت نفسه من جهة أخرى.
أعتقد أن من الطبيعي أن يكون للآباء الحق في التسلط على أبنائهم وبناتهم إلى حد ما، وهذا الحد لابد أن يقل سنة عن أخرى؛ حتى يعطى الأبناء حق تنمية وصناعة شخصياتهم ومهارتهم، وذلك ما يجب أن يبعث الطمأنينة في قلوب الآباء والأمهات إذ يقوم أبناؤهم وبناتهم بصناعة أنفسهم بأنفسهم.
«على الآباء أن يوجهوا أبناءهم إلى الطريق الصحيح وألا يتسلطوا عليهم، ويجب أن يعلموهم كيف يتخذوا القرار الصحيح وكيف ينمون مهارتهم؛ لأنهم - الآباء - إذا سيطروا على أفكار أبنائهم معتقدين أن هذا في مصلحتهم فهم مخطئون؛ لأنهم بذلك يكبتون شخصية أبنائهم ويمنعونها من التحرر»، هذا ما يقوله أحد طلبة الصف الحادي عشر.
وتقول إحدى الطالبات: «أعتقد أن في بعض الأحيان تكون السيطرة لصالح الأبناء، ولكن في الوقت الذي يكون فيه الآباء مهتمين بذلك، قد ينسون ويتناسون حق أبنائهم في التأقلم مع التغيرات التي تحدث من حولهم وحقهم في الترفيه عن أنفسهم».
وتأتي مشكلة «الإنترنت» واستخداماته على أنها إحدى أهم المشكلات التي تنشأ بين أولياء الأمور والأبناء. يبدو أن من الصعب على الآباء تقبّل هذه التكنولوجيا، وخصوصا أنها لم تكن موجودة في أيام نشأتهم. ولكن هذا لا يمنعهم وليس مبررا لأن يرفضوا إعطاء الثقة لأولادهم كي يتعاملوا مع هذا الاختراع وهذه البوابة على العالم بحرية مسئولة.
يفسر أحد طلاب المدارس الخاصة هذه المشكلة بطريقته، فيقول: «لو نشّأ الآباء أبناءهم بطريقة صحيحة فإن عليهم الوثوق بأولادهم ولكن هذا لا يعني أن يتركوهم من دون مراقبتهم وسؤالهم، فعلى الآباء أن يتعرفوا إلى هذه التكنولوجيا ويستمعوا لآراء أبنائهم فيها».
أما الطالبة بيان سعدالدين فتعتقد أن بعض الآباء يخافون من النتائج السلبية للإنترنت معتقدين أن له تأثيرا سلبيا على أبنائهم، ولكن هذا التعميم خاطئ، فللإنترنت فوائدُ كبيرة لذلك على الآباء أن يتركوا أبناءهم ليتصفحوا صفحات الإنترنت ولو لساعة واحدة يوميا ليستفيدوا مما يحتويه من معلومات ومعارفَ مهمة.
أعتقد - مجملا - أن إلحاح الأبناء على فعل شيء ما، كالخروج مع أصدقائهم أو البدء في تعليم سواقة السيارة، إذا ما قوبل بالرفض غير المقنع فسيقوم الأبناء بالالتفاف والدوران لمعرفة سبب الرفض أو قد تتطور الأمور بفعل هذا الشيء من وراء أهليهم، ويمكن أن يكون لذلك جانب سلبي علي التعامل بين الأهل والأبناء فيما بعد.
يقول الطالب مصطفى كريم: «على الأهل ألا يعودوا أبناءهم الطاعة العمياء لأي قرار يصدرونه، بل عليهم أن يعلموهم أدب المناقشة في الموضوع، وعليهم الاستماع ومعرفة رأي الابن وإبداء رأيهم والتوصل لحل وسط يرضي الجميع (...) ولو تحدثت عن نفسي فسأطيع رأي والديّ نتيجة لخبرتهما في الحياة أكثر مني». وتشاركه في هذا الرأي طالبة أخرى تؤكد انصياعها للأمر، فتقول: «لن أجرؤ على المناقشة لسبب الرفض وهذا ليس لأني خائفة ولكنني أحترم رأي أبي وأمي». وهو ما لا تتفق معه طالبة أخرى إذ تقول: «أنا أحب أن أخالفهما. لا أحد يستشيرني في أي القرارات التي تتعلق بي، وعليه لن ألتزم أوامرهما، وسأكون حرة ولست أخشى العقاب».
نورهان عبدالله
العدد 1933 - الجمعة 21 ديسمبر 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1428هـ