موريس سترونغ، أمين عام أول مؤتمر عالمي للبيئة البشرية 1972، وأول مدير تنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لا يكف عن التذكير بأن «قضية التغيير المناخي لم تحظَ بانتباه العالم لدى طرحها في أول مؤتمر بيئي عالمي في ستوكهولم في 1972، ثم جاءت قمة الأرض في ريو دي جانييرو في1992، فاعتمد رؤساء 172 دولة اتفاقية التغيير المناخي، واتفقوا على التعاون من أجل التحكم في مخاطر هذا التغيير، تلا ذلك الاتفاق على بروتوكول كيوتو في1997 كخطوة كبرى على الطريق، تلتها خيبة الأمل الناتجة عن رفض الولايات المتحدة، المصدر الأول لانبعاث الغازات، توقيع اتفاقية كيوتو».
ويرى سترونغ أن ثمة حاجة إلى «تغيير جذري في العقلية التي تحدد أولوياتنا، والى تناول أخطار التغيير المناخي باعتبارها قضية أمنية، بل وأهم خطر يهدد الأمن العالمي، كما يجب النظر إلى الكلفة اللازمة لضمان الأمن المناخي على أنها استثمار أكثر منها إنفاق. وستندرج غالبيتها على مسار الانتقال تجاه تنمية مستديمة، سيولد الاقتصاد الأكثر فعالية الناجم عنها المزيد من الفرص والمكاسب بالمقارنة بالطراز الحالي».
ولا تتوقف دعوة سترونغ إلى ضرورة «إقامة صندوق للتغيير المناخي برصيد أولي قدره تريليون دولار، تموله الدول التي ساهمت أكثر من غيرها في انبعاث الغازات، وذلك لمساعدة البلدان النامية على خفض غازاتها ومواجهة الآثار غير المواتية الناتجة عن التغييرات الواقعة، واستحداث وتطوير التكنولوجيات وتوفيرها للجميع».
وإبان مراسم تسليم جائزة نوبل للسلام في أوسلو الى آل غور والمجموعة الحكومية للخبراء عن التبدل المناخي، نشرت دراسة قام بها برنامج الامم المتحدة للبيئة ورد فيها تحذير صريح من مخاطر ذوبان جبال الجليد او انفجار، مؤكدة أن عدد اللاجئين بسبب المناخ الناجم جزئيّا عن ارتفاع مستوى المحيطات يمكن أن يزعزع استقرار مناطق بكاملها مع إشارة واضحة إلى أن التحرك من أجل المناخ هو تحرك من أجل السلام.
في الوقت ذاته، أكد أحد معدي تلك الدراسة، الذي هو مدير معهد الأبحاث عن تأثير المناخ في بوتسدام الاستاذ الزائر في جامعة اوكسفورد البروفسور هانز شيلنهوبر، أن تلك الدراسة «ترسم سيناريوّا حقيقيّا للمستقبل».
واضاف «اذا لم يتم تطويق ارتفاع الحرارة، فان الدول الضعيفة والهشة التي تدار بشكل سيىء اليوم يمكن ان تنفجر من الداخل تحت ضغط الاحتباس الحراري الشامل ثم تسبب موجات من الصدمات في دول أخرى».
وحذر خبراء دوليون من أن الحرب العالمية الثالثة قد تنشب بسبب ذيول الاحتباس الحراري وندرة الموارد المائية وزيادة التوتر بين الشعوب الجارة، وازدياد مساحة المناطق التي قد تتعرض للتصحر ولمخاطر الفيضانات والأعاصير.
وقال الأمين العام المساعد والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة آشيم شتاينر: «ان هناك تحديات بيئية عدة يواجهها العالم وأمن مجتمعاته ودوله يأتي التغير المناخي في أولوياتها».
وفي الولايات المتحدة، وهي الدولة التي لاتزال ترفض توقيع اتفاقية كيوتو، رسمت هيئة استشارية حكومية لدراسة التغيرات المناخية في أحدث تقييم لها صورة قاتمة لتأثير التغيرات البيئية المنتظرة في المستقبل، وخصوصا بالنسبة إلى البلدان الفقيرة في العالم. وهذا ثاني تقييم من أربعة تقديرات تضعها 4 مجموعات دراسية تعكف على دراسة أسباب الانحباس الحراري والعواقب المترتبة عليه.
وكان رئيس الهيئة الحكومية لدراسة التغيرات المناخية راجندرا بشاوري صرح للصحافيين في بروكسل ببلجيكا في 6 أبريل/ نيسان بمناسبة إصدار ملخص لتقرير واضعي السياسة البيئية بقوله: «إن أفقر فقراء العالم، وهذا يشمل الفقراء حتى في المجتمعات المزدهرة، هم الذين سيصابون بأسوأ الضرر».
ونبه بشاوري قائلا: «ولذلك فإن هذا يصبح في نظري مسئولية عالمية». ويشير التقرير إلى أن التغيرات المناخية والبيئية قد تشمل جفافا وتصحرا وشحّا في المياه في مناطق شاسعة من إفريقيا وغيرها من المناطق نتيجة انخفاض معدل الأمطار وقلتها، وذوبان الأنهر الجليدية في المناطق الجبلية، ما سيحد من كميات المياه المتوافرة. كما ستزداد الأمراض المعدية انتشارا بسبب تكاثر الحشرات ناقلة المرض وتكوّن ظروف مواتية لانتقال الأمراض والأوبئة.
على نحو مواز، وصف عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ التغير المناخي على كوكب الأرض بأنه أشد خطورة على الكوكب من الإرهاب، محذرا «إننا بوصفنا مواطنين في العالم، فإنه يقع على عاتقنا واجب تحذير عامة الناس من المخاطر غير الضرورية التي نعيش معها كل يوم».
وجاء هذا التحذير بعد أن كشف تقرير بريطاني النقاب عن صورة مرعبة بيئيّا للعام 2007، إذ تكهن أن العام الجاري يعد أحد أكثر أعوام التاريخ سخونة، وذلك بسبب تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، التي تهدد بذوبان طبقات الثلوج في المناطق المتجمدة، وتهدد أيضا بانقراض أنواع كثيرة من الطيور والنباتات.
ويأتي هذا التقرير بعد ما أعلنت مصلحة الأرصاد الجوية البريطانية أن العالم 2006، كان الأشد حرارة في تاريخ البلاد منذ العام 1659.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1932 - الخميس 20 ديسمبر 2007م الموافق 10 ذي الحجة 1428هـ