ابعث برسالتي هذه إلى الشباب الذين خرجوا رافعين مطالب مشروعة وانتهى بهم الأمر إلى طرق مسدودة، واصطدموا مع واقع يشعرون بالغربة عنه، وهذا ليس ذنبهم، لان الظروف التي مررنا بها جميعا لم تكن سهلة ولم تأت بما أمل كثير من الناس.
رسالتي ليست لوما القيه عليكم، وهي ليست من اجل تثبيت مواقف... فكلنا يعرف بعضنا الاخر، وبلادنا الحبيبة صغيرة، وحالها معلوم لنا جميعا، ولا يمكن لمن أراد ان يزايد على موضوع ما ان يطول به الأمر من دون أن ينكشف.
رسالتي هي من قلب محب لكم أيها الشباب الأعزاء... ان مانجد أنفسنا فيه هذه الأيام ليس قدرا محتوما علينا، وإن الإصلاح الذي ننشده جميعا لايمكن خدمته عبر السماح للأوضاع بالانفلات. فلنتذكر ماجاء في تراثنا عن امرأتين اختصمتا في طفلٍ صغير، ادعت كل واحدة أنه ولدها، فعرض عليهما من كان يقضي بينهما أن يقسمه نصفين، فرضيت إحداهما، ورفضت الأخرى، فصدر حكم القاضي العادل أن الولد لها لأنها تنازلت عنه وهو إثبات حبها له، وتضحيتها من أجله. ونحن أيضا لدينا بلادنا البحرين، أحياؤنا وقرانا، أهلنا وأبناؤنا وبناتنا، هؤلاء لهم المعزة والمحبة وعلينا أن نضحي من أجل سلامتهم وحمايتهم وأن لانكون سببا لضياع أي منهم.
كثيرٌ هم من يقولون بأن الحديث مع الشباب المتحمس لا فائدة منه، وأن هؤلاء الشبان لن يستمعوا إلاّ لمن يحثهم على الخروج إلى الشارع من أجل التحدي، وأنا أختلف مع من يقول هذا الكلام. إنني أدعوكم إلى تحدٍ من نوع آخر...إنه تحدي المحافظة على مناطقنا آمنة، وعلى سلامة أهالينا من دون التنازل عن الحقوق. وربما تختلفون معي في رأي كررته بشأن هذا الموضوع، ولكن يشهد الله أن حبي لكم هو الذي يدفعني لأن أعيده عليكم.
كما أن من يقول إن الوضع الآن هو نفسه في التسعينات ربما يغفل الفرق بين الفترتين، فحينها كان الناس لايأمنون زوار الفجر، ولايستطيعون قول أي شيء،وهذا ليس هو واقعنا الآن... نحن نعيش في أجواء عالمية وإقليمية مختلفة تماما عما كانت في الماضي، وإرهاصات الحوادث المحيطة بنا تختلف جذريا عن السابق. رسالتي هذه كتبتها بعد أن عايشت ماحصل أمس في جدحفص، والألم يعتصرني لأنه بالإمكان تحقيق المطالب المشروعة عبر الطرق السلمية، ولكني أرى-وبحرقة قلب- أن البعض ربما يساعد من يود رؤيتنا في حال لا تثمر لنا سوى الآلام.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1932 - الخميس 20 ديسمبر 2007م الموافق 10 ذي الحجة 1428هـ