في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي سافر وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة إلى لبنان لحضور الدورة الرابعة والعشرين لمجلس وزراء العدل العرب، وأثناء تواجده في بيروت زار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان والمرجع الديني محمد حسين فضل الله.
وكان لخبر زيارته الرموز الدينية وقع حسن على البحرينيين، ولاسيما أن وزارة العدل في المنطقة الدبلوماسية كانت مسرحا لاعتصام فريد من نوعه قبل فترة ليست بعيدة عندما تجمع عدد من علماء الدين الشيعة بسبب إصرار الوزير على قرار أصدره، بأنه لا يمكن لأي مسجد أو مأتم أن يبنى أو يتم تحسين أوضاعه إلا برخصته. وهذا القرار الذي يبدو أنه تنظيمي ومشروع في ظاهره، إلا أنه أيضا يحمل في طياته كل المخاوف والشكوك لدى الشيعة من أن الوزارة تستهدفهم بالأساس وذلك بعد منعهم من تشييد مساجدهم في مناطق البحرين المختلفة، في الوقت الذي يرون أن القرار لا يطبق إلا عليهم دون غيرهم، بما في ذلك الأديان الأخرى التي لا تواجه استهدافا.
منذ ثمانين عاما، مثلا، وإدارة الأوقاف الجعفرية لا تستطيع تسجيل مئات الأراضي التابعة لها، وهذا التعطيل تطور لاحقا إلى ممارسات عديدة يقصد منها مساندة كل ما من شأنه إذلال هذه الفئة، بل وزرع سوء الإدارة وتبذير الثروة من خلال بعض الأشخاص. فقبل ثمانين عاما أخلص السيدعدنان الموسوي لمشروع ضم الأوقاف الجعفرية إلى جهاز الدولة، ووثق الأملاك والأراضي، ولكن بعد وفاته انتهز البعض الفرصة لتعطيل التسجيل حتى وقتنا الحاضر.
تطور الأمر لاحقا - كما ذكر أعلاه - إلى مساندة كل ممارسة خاطئة في الأوقاف الجعفرية، ومن ثم جاء عهد الوزير الحالي الذي سارع بتسجيل ضرباته الموجعة الواحدة تلو الأخرى، ضاربا بعرض الحائط كل الأعراف التي كان معمولا بها منذ تأسيس الإدارة الحديثة للدولة.
لو كان الأخ وزير العدل يقبل من أخ له نصيحة، فإنني أنصحه أن يقوم بزيارة مماثلة لما قام بها في لبنان، ولكن هذه المرة لا يحتاج إلى السفر بعيدا، إذ يمكنه من خلال لقاءات «مغلقة» مع رموز دينية «لها اعتبار» أن يحل الإشكالات ويوفر على البحرين مزيدا من وجع الرأس الذي ازداد بعد تراكم الشكوك المسنودة ببعض الأحداث هنا وهناك.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2280 - الثلثاء 02 ديسمبر 2008م الموافق 03 ذي الحجة 1429هـ