العدد 1931 - الأربعاء 19 ديسمبر 2007م الموافق 09 ذي الحجة 1428هـ

الجوهر الحقيقي وقشور الحضارة

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في الوطن العربي، تختلف الأشياء أما الشعارات والمسمّيات فتأخذ منحى آخر، وبقدرة قادر يصبح البسيط مشهورا بين يوم وليلة، فالسياسة هي عبارة عن جملة من الشعارات والأحزاب والانتماءات يسودها الكثير من التلاعب بالألفاظ ويُساء استعمال كلمات كالديمقراطية وتُستورد فقط كي تُستبدل بكلمات أصبحت قديمة في معناها، فيتمّ إخلاؤها من جوهرها الحقيقي، وممارسة القشور الخارجية لإقناع الشعب بأننا نسير بركب الحضارة العالمية! وإن تحفيز المجتهدين من أبنائها بتوزيع الأوسمة والجوائز شيء ممتاز ما يؤدي إلى الرفع من المعنويات لمواصلة العطاء، ولكن لذلك شروط معينة.

إن العالم المتقدم والغرب يتناول مثل هذه الموضوعات الحساسة بمنتهى الدقة، فتوضع شروط محكمة بواسطة لجان مختصة في الأنشطة كافة من علوم وطب وتكنولوجيا وفنون، بما فيها الخدمات الإنسانية... الخ ثم تحدد قيمة كل جائزة ونوعيتها، ثم تقدم الأسماء الجديرة بذلك، ويدخل الجميع المنافسة الحرة والعادلة، ثم يفوز من تنطبق عليه شروط المكافأة وذلك مثل جائزة نوبل والمئات من الجوائز الأخرى... التشجيعية!

والأمر يختلف قليلا عندنا للحصول على التشريف والأوسمة! وقد يكون لدينا محكمون، ولكن الشروط مجهولة! والمحكمون غير معروفة أسماؤهم أو مؤهلاتهم للحكم! فتقديم الأشخاص يتم بالشروط المطاطية المعروفة لديهم، وقد يتم تفصيلها أحيانا على الأشخاص المراد تكريمهم، فالقوانين تأتي بعد ذلك! لا يهم! ولن يحاسبهم أحد!

وحينما تقدم تلك الأوسمة والجوائز تجد أن البعض منهم لم نتعرف على إنتاجهم أو أدائهم ونحتار في الكيفية التي تم اختيارهم بها! حتى أن هؤلاء البعض الصادقين مع أنفسهم، يستغربون حصولهم عليها، في حين يوجد من هم أكثر جدارة وكفاءة منهم يستحقون ذلك!

إن مثل ذلك يتسبب بالكثير من الخلخلة في المفاهيم المجتمعية ويسود التذمر والأسى بين من هم أكثر قدرات في الإبداع والمجهود الذي يبذلونه في الأداء الحياتي! وتشعر بأن طريقها مسدود والوطن لا يقدرها، وتتأثر قناعات البعض وبأهمية العمل الجاد، وأخذ الأمور باستخفاف لعدم وجود التقدير والاحترام لجهودهم المبذولة وقد تقوم بتقليد تلك الفئة في ممارستها لطريق الوصول والصعود في سلم الحياة!

إن تجاوز العناصر الحقيقية والجادة في المجتمع فيما بذلوه من العطاء والجهود من العلماء أو الأطباء أو في مجالات الفنون والكتابة، أو العلوم... الخ والقيام بالعناية بمن هم أقل قدرات فيه الكثير الكثير من الإساءة لهم.

وقد نتساءل عن كيفية اختيار من يفوزون بالتكريم... ومن هم الذين يقدمون تلك الأسماء وبأية حسابات أو شروط؟! وأين تكمن المصلحة العامة في ذلك؟! وهل تحتسب إيجابيات وسلبيات مثل تلك التصرفات؟ ولماذا الأمور تسير دائما بسرية تامة أم هم مجرد أسماء عشوائية ويتم الاختيار عن طريق القرعة أم هنالك أمور أخرى من الإسناد مما لا نعرفه، ولا زالت تعشش في أذهان القلة التي لم تواكب عصر التقدم والشفافية والانفتاح الحضاري على العالم، وكيف لنا ألا نتعرف على أعمالهم ونشاطاتهم وكفاءاتهم لما أحرزوا من استحقاقات! ولماذا لا تتكشف للملأ؟!

إنّ هنالك أسماء كثيرة تنتظر دورها للظهور على سطح الأوسمة والاعتراف والإنصاف. ولقد آن الأوان للاحتذاء بالعالم وتقديم الأفضل من أبنائنا وبناتنا كي يكونوا مثالا يحتذى به من قبل الأجيال القادمة ولنا أن نثبت العدالة الاجتماعية وأن الوطن يحب الجميع، وبتطبيق كل ما هو صالح يصبح ولاء الجميع للوطن الكريم، فالعملية تبادلية ولا يمكن أن يحب الإنسان وطنا ظالما له! وغير منصف.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1931 - الأربعاء 19 ديسمبر 2007م الموافق 09 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً