العدد 1930 - الثلثاء 18 ديسمبر 2007م الموافق 08 ذي الحجة 1428هـ

صندوق النفقة في البحرين... أتتسع الفائدة؟

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

لا شك أنّ إعلان مجلس إدارة صندوق النفقة بوزارة العدل والشئون الإسلامية يوم الأحد 2 ديسمبر/كانون الأوّل الجاري عن بدء تلقي طلبات المستحقين للنفقة من الصندوق، قد لقي ترحيبا، وإن كان مصحوبا بالتحفظات، من قبل الناشطات والأوساط المهتمة بالعمل النسائي والحقوقي. وتتمثل مهمّة الصندوق الأساسية في الإنابة عن الزوج في دفع النفقة للمحكوم لهم، إذ يقوم هو بملاحقة الزوج الممتنع عن دفع النفقة ويتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بما فيها رفع القضايا لدى المحاكم المختصة لتحصيل الأموال التي دفعها عن المحكوم عليهم.

إنّ تأسيس الصندوق يمثل خطوة مهمّة جرى الحديث والمدافعة عنها كثيرا لتوسيع مظلة التكافل الاجتماعي وتطوير شبكة الضمان الاجتماعي للمرأة والأسرة. فلم يعد خافيا حجم تلك الهموم والمعاناة التي تتكبدها النساء المطلقات والمخدوعات والمهجورات في المحاكم الشرعية وخارجها، خصوصا تلك المتعلقة بالنفقة، فهي غالبا ما تصطدم بتعذر أو تأخر تنفيذ تلك الأحكام بالسرعة الضامنة لكرامتها، خصوصا إنْ كانت من دون عمل.

لقد تأخر التنفيذ لأكثر من عامين منذ إقرار القانون رقم (34) لسنة 2005 الذي صدر بتاريخ 17 أغسطس/آب 2005. فوفق التسلسل الزمني صدر القرار الوزاري رقم (10) لسنة 2006 بتشكيل مجلس إدارة صندوق النفقة ونظام العمل فيه عن سعادة وزير العدل السابق، في نهاية شهر فبراير/شباط 2006، ثم صدر قرار وزير العدل والشئون الإسلامية الحالي رقم (44) لسنة 2007 بإصدار اللائحة الداخلية لصندوق النفقة بتاريخ 4 أكتوبر/تشرين الأوّل 2007م، وأخيرا تم الإعلان صحفيا عن بدء الصندوق لعمله بموازنة وقدرها 250 ألف دينار بتاريخ 2 ديسمبر2007. وبين أغسطس 2005 وديسمبر 2007 مضى عامان وما يقارب الأربعة أشهر، ربما اعتبرتها الجهات الرسمية لا شيء وفق منظورها ومقارنتها بـ»معايير الانتظار المحلية» في المحاكم، ويبدو أنّ مصلحة النساء هنا، على رغم شعارات التمكين اليومية مازالت أمرا ثانويا ومنة وفضلا.

تعرف المادة (1) من اللائحة الداخلية للصندوق المتألفة من23 مادة «... المنتفعون: الزوجة أو المطلقة، أو الوالدان أو الأولاد أو كل مَنْ تجب لهم النفقة أو مَنْ ينوب عنهم قانونا).

وتضيف المادة (2) «يختص الصندوق بصرف النفقة في الحالات الآتية: 1 - المنتفعون من البحرينيين الذين صدرت لصالحهم أحكام بالنفقة وتعذر تنفيذها. 2 - المنتفعون من البحرينيين الذين أقاموا دعاوى بشأن تقرير نفقة لهم ولما يفصل فيها، ويقدر الصندوق صرف نفقة مؤقتة لكل منهم من واقع ظروف كل حالة على حدة».

ولكن ماذا عن مصير تلك البحرينيات المتزوجات من غير بحرينيين، كيف سيتحصل الصندوق المستحقات من الأزواج أو المطلقين غير البحرينيين الفارين... الزوجة بحرينية والأطفال مولودون في البحرين وربما يكونون سعوديين أو كويتيين أو مصريين أو من حاملي أية جنسية عربية أو أجنبية أخرى وربما لم تشمل الأطفال مكرمة منحهم جنسية أمهاتهم، فنعلم أنّ قوائم الانتظار لمنح الجنسية لم تبيض بعد... ما العمل هنا؟.

كذلك المرأة الأجنبية المتزوجة من بحريني فلا يوجد مَنْ يحميها ويقف إلى جانبها في أغلب الأحيان، بالإضافة إلى تهرب أزواجهنّ أو مطلقيهنّ والمماطلة في دفع النفقة وهذا يؤثر كثيرا على المرأة خصوصا إذا كانت لا تعمل. من الضروري إذا تطوير التشريعات لتصبح متكاملة وقابلة لمعالجة جميع الحالات آخذين في الاعتبار أحدث ما وصلت إليه الخبرة الإنسانية في البلدان العربية إذا كانت العدالة والكرامة مبتغانا.

عند مناقشة مشروع قانون صندوق النفقة بمجلس الشورى وتحديدا في جلسة إقرار إنشاء صندوق النفقة في 15 مارس/آذار 2005م رأى بعض أعضاء مجلس الشورى «انه لا معنى لإقحام القطاع الأهلي في مجلس إدارة الصندوق فهو ليس صندوقا خيريا وهو حل قانوني مؤقت لدعم الأسرة وليس للاحسان». ولاحظنا خلو عضوية مجلس إدارة الصندوق من تلك الجهات النسائية الأهلية المشتغلة منذ زمن بعيد في مساندة الحالات المتضررة الا انه ضم شخصيات قريبة من المجلس الأعلى للمرأة. ولا ينكر أحدا الدور الايجابي للمجلس في هذا المضمار وربما يقول قائل ما لكم بتلك المهمة الإجرائية المملة. وأقول إنها خطوة مهمة لتعزيزالشفافية وبناء الثقة بشأن أداء مثل هذه الصناديق وتطوير تنسيقها مع الجمعيات النسائية والحقوقية؛ لتكون كل هيئة أهلية أكثر وذات صدقية أكثر وذات ملكية مجتمعية أكثر.

بالإضافة إلى ضرورة إصدار قانون متطور وعادل لأحكام الأسرة كخطوة أولى يبقى أنه من الضروري اتخاذ التدابير المرافقة لهذا الصندوق لدعم أدائه. تدابير مثل تطوير التشريعات الوطنية والجهاز القضائي وتأهيل القضاة وإنشاء المحاكم الخاصة بالأسرة وإضفاء صفة الاستعجال على قضايا الأسرة، وتسهيل عملية إثبات شهادات ومساهمات المرأة المادية في الأسرة. وحتى تنفيذ مثل تلك الرؤى وغيرها نكون ربما قد خففنا من المشكلة ولكننا لم نعالجها معالجة مؤسسية شاملة.

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 1930 - الثلثاء 18 ديسمبر 2007م الموافق 08 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً