كنّا قد حذرنا، مرارا وتكرارا، من أنّ هذه القطيعة ستصل بنا لأن نتكبّد في رصيدنا الوطني ضحايا لا ذنب لهم إلاّ أنّ أحدا لم يهتم أو يستمع.

في منتدى «الوسط» الذي ضم بعض رجالات الأمن الوطني وكبار الشخصيات الاجتماعية والسياسية في مطلع العام الجاري كانت الرسالة التي خرجت بها تلك اللقاءات واضحة وصريحة، وهي أنّ الانخراط في الحوار السياسي والانصياع لحاكمية القانون وعدم التمادي في التمظهر وفرد العضلات من قبل بعض جهات المعارضة أوّلا، وعدم إتباع سياسة التطنيش والرد باستخدام القوة المفرطة والتسرّع في صناعة ردة الفعل من طرف أجهزة الأمن ثانيا، هو الخيارالوحيد والمقبول قبالة خيارآخر، كان ضحية الأمس أوّل ثماره التي يقطفها الطرفان معا.

إنّ ما جرى خلال اليومين الماضيين وما سيتبعه من أحداث، هو نتاج تعطيل العمل السياسي والاستمرار في خيارات التحدّي المفتوح والمواجهة اللامسئولة من الطرفين. فلا المعارض المقاطع يطرح ما يريد بوضوح، ولا الدولة تدير هذا الملف بحكمة وروية.

دائرة من الأفعال وردود الأفعال المنفلتة من الطرفين أفضت بنا إلى نتيجة نتمنى أنْ يتحرك لاحتوائها العقلاء وأهل الحكمة وخصوصا أولئك الذين يمتلكون وزنا في هذا الشارع السياسي المحموم.

لا يمكن اعتبار رحيل هذا الشاب حدثا عرضيا، ولا يمكن أيضا لأحد أن يبرر للماسكين بأسباب القوة ولبعض أطياف المعارضة الاستمرار في هذا المسار الذي لن يحصد إلا الشر. فالشاب الذي للتو عقد قرانه وكان ينتظر وزوجته مولودهما الأوّل، هو ضحية أخطاء لابدّ لمن تسبب فيها أنْ يراجعا حساباتهما، وعلى الدولة من باب أولى أولا، أن تبادر إلى اعادة النظر في نتائج ردود فعل قد تكون متسرعة وغير مسئولة من ناحية الاستخدام المفرط للقوة.

وفي السياق نفسه، على بعض جهات المعارضة التي تقف وراء هذا التصعيد أنْ تقف مع نفسها وقفة صدق لتراجع حساباتها من جديد، وأن تعود لحاضنة الوطن بأوجاعه وأفراحه وان تعدل من خياراتها بالإبتعاد عن سياسة التحدّي وخرق القانون وحينها سيكون موقفها أقوى وستكون مطالبها شرعية يستمع لها الجميع باحترام وتقدير.

العقلاء وأصحاب الكلمة المسموعة مدعوون لتصحيح مسارات العملية السياسية وإعادة بوصلة العملية السياسية لمسارها الصحيح قبل أن يتفاقم الوضع ويفقد الجميع القدرة على السيطرة.