العدد 1929 - الإثنين 17 ديسمبر 2007م الموافق 07 ذي الحجة 1428هـ

النتائج الاقتصادية لقمة الدوحة

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يمكن وصف النتائج الاقتصادية للقمة الثامنة والعشرين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في العاصمة القطرية بقمة الإنجاز الاقتصادي. وهذه التسمية مستعارة من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية إذ أطلقها في ضوء توقعاته لنتائج قمة الدوحة.

فقد نجحت القمة في تحقيق تقدم نوعي فيما يخص مشروع السوق المشتركة وذلك في إطار الهدف الأسمى والمتمثل في تحقيق تكامل اقتصادي بين الدول الست.

في المقابل، لم تنجح القمة في حل بعض القضايا الاقتصادية الأخرى المرتبطة بمشروع الاتحاد الجمركي فضلا عن الاتحاد النقدي.

السوق المشتركة

يعتبر إعلان تدشين مشروع السوق الخليجية المشتركة ابتداء من يناير/ كانون الثاني 2008 أهم إنجاز اقتصادي للقمة. وبموجب المشروع، يحق لمواطني دول المجلس مزاولة جميع الأنشطة الاستثمارية والخدمية وتداول وشراء الأسهم وتملك العقارات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية في الدول الأعضاء. كما يسمح بحرية تنقل رؤوس الأموال وحقوق التأمين والتقاعد فضلا عن العمل والتوظف في القطاعات الحكومية والأهلية في جميع دول المجلس.

وجاء إطلاق مشروع السوق المشتركة تتويجا لما تحقق في القمم السابقة وخصوصا قمتي أبوظبي والرياض.

وكانت دول المجلس قد وافقت في قمة أبوظبي في العام 2005 على السماح لرعايا دول المجلس فتح مكاتب التوظيف الأهلية وتأجير السيارات ومعظم الأنشطة الثقافية، كما أضافت قمة الرياض في العام 2006 ثلاثة أنشطة جديدة (خدمات التأمين والتخليص لدى الدوائر الحكومية والنقل) والتي يسمح بموجبها لجميع رعايا دول المجلس ممارستها داخل الدول الأعضاء. لا شك أن المواطن الخليجي ليس بحاجة إلى حمل جنسية البلد الآخر حتى يتمتع بمزايا السوق المشتركة، فجوازه للتتمع بالمزايا هو جنسية بلاده.

المواطنة الخليجية

من شأن تطبيق السوق المشتركة تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة. تشير بعض الأرقام غير الرسمية إلى أن التجارة البينية الخليجية تمثل نحو 20 في المئة من قيمة التجارة العالمية لدول مجلس التعاون. وربما كانت النسبة الحقيقية أقل من ذلك نظرا إلى أوجه الشبه بين اقتصادات دول مجلس التعاون من قبيل تصدير المنتجات النفطية. بيد أنه هناك بعض الاستثناءات الحيوية مثل تميز الشركات السعودية في المنتجات الزراعية. كما تتميز قطر بقدرتها على تصدير بعض السلع المرتبطة بقطاع الإنشاء. ومن الطبيعي أن نرى تحسنا في حجم التجارة البينية بين الدول الست وذلك بعد مضي فترة على تطبيق مشروع السوق المشتركة، أيضا تتميز البحرين بقدرتها على تصدير المنتجات المصرفية ذات الصبغة الإسلامية.

الاتحاد الجمركي

كما تطرقت القمة إلى موضوع آخر يخدم عملية التكامل الاقتصادي وتحديدا الاتحاد الجمركي. فقد أعرب البيان الختامي عن ارتياح زعماء دول المجلس لسير المشروع، الذي بدوره يسبق السوق المشتركة.

لكن لوحظ أن البيان لم يشر إلى بعض القضايا العالقة في تطبيق المشروع بشكل كامل مثل كيفية اقتسام الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء، الأمر يرتبط بمسألة نقطة دخول المنتج والجهة المستفيدة منه في نهاية المطاف. ويفهم من هذا التطور استمرار وجود بعض الخلافات بين القادة بشأن التفاصيل المتعلقة بالمشروع.

يعود تاريخ دخول اتفاقية الاتحاد الجمركي إلى حيز التنفيذ إلى العام 2003. واستنادا إلى الخطة الأصلية، كان المفروض أن تنهي دول الخليج الإجراءات المطلوبة لتحقيق الاتحاد الجمركي مع نهاية العام 2005. بيدَ أنه قرر قادة دول المجلس في القمة السادسة والعشرين التي عقدت في أبوظبي مضاعفة الفترة الانتقالية.

في كل الأحوال، يستشف من بيان قمة الدوحة استمرار وجود نقاط خلاف بين الدول الأعضاء في بعض التفاصيل المتعلقة بمشروع الاتحاد الجمركي الذي يرتكز أصلا على مبدأ توحيد السياسات التجارية مع الدول غير الأعضاء في المنظومة، فقد أشار البيان إلى اطلاع القادة «على تقرير عن سير الاتحاد الجمركي وما تم إنجازه خلال هذا العام لتسهيل وتعزيز التجارة بين دول المجلس» لكنه لم يؤكد التطبيق الكامل للمشروع.

الاتحاد النقدي

كما تطرق البيان الختامي إلى مسألة الاتحاد النقدي والمزمع إطلاقه في العام 2010. حقيقة لم يكن مفاجئا قرار دول المجلس استمرار العمل على استكمال المعايير المالية والنقدية لتطبيق المشروع في الموعد المحدد. وكانت بعض التقارير الصحافية توقعت إعلان تأجيل تطبيق المشروع الطموح لأسباب مختلفة منها قرار عمان الانسحاب من المشروع برمته فضلا عن قرار الكويت فك ارتباط عملتها بالدولار الأميركي.

يتمثل التوجه الجديد في المجلس في عدم تأخير تطبيق أية مشاريع تكاملية على أن يتم السماح للدول المتخلفة الانضمام إلى المشروعات المختلفة في وقت لاحق. وعلى هذا الأساس هناك توجه إلى الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي إذ قررت بعض الدول الأعضاء وفي مقدمتها بريطانيا عدم الانضمام إلى منطقة اليورو لأسباب خاصة بها. طبعا من الممكن تأخير إطلاق المشروع لأساب فنية مثل مواجهة التضخم، إذ من الممكن اتخاذ هذا القرار في قمة مسقط في العام 2008.

لكن يؤخذ على القمة عدم تطرقها إلى موضوع ذي أهمية حساسة ألا وهو ارتباط عملات دول مجلس التعاون بالدولار (باستثناء الكويت). فلم يشر البيان الختامي إلى هذه المسألة التي كانت محل اهتمام وترقب المراقبين. بل إن عدم إعلان موقف موحد ربما يزيد من الضغوط التي يمارسها المضاربون على قيم عملات دول المجلس، فهناك كلفة لعدم اتخاذ بعض القرارات أو التهرب منها، الشهور المقبلة كفيلة كشف كلفة الهروب من اتخاذ قرار حيوي.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1929 - الإثنين 17 ديسمبر 2007م الموافق 07 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً