العدد 1928 - الأحد 16 ديسمبر 2007م الموافق 06 ذي الحجة 1428هـ

هل سيتسبب الوقود البيولوجي في مجاعة؟

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

توافر مصادر الطاقة موضوع حساس ومهم لجميع أمم العالم وخصوصا الدول الكبرى التي تستهلك كميات ضخمة من أنواع مختلفة من الطاقات المتجددة وغير المتجددة لبعث الحياة في اقتصادها. لذلك فليس بالمستغرب لقيادة تلك الدول تشجيع البحوث الصناعية في مجال الطاقات المتجددة لزيادة الاستقلالية في مجال الطاقة بالإضافة إلى تقليل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

أحد البدائل كطاقة متجددة هو الوقود البيولوجي/ العضوي المصنوع من المنتجات الزراعية كالذرة وحبوب الصويا وقصب السكر والنخيل وأنواع أخرى. هناك نوعان لهذا الوقود: الديزل البيولوجي المصنوع من المواد العضوية والإيثانول المصنوع من الذرة أو قصب السكر. تاريخيا هذا النوع من الوقود تم استخدامه في الأيام الأولى من اكتشاف المحركات المختلفة. لكن يبدو أن الاهتمام باستخدام هذا النوع من الوقود قلّ بعد الحرب العالمية الثانية بعد استخراج كميات هائلة من النفط الرخيص من منطقة الشرق الأوسط، لكن بعد ارتفاع أسعار النفط منذ مطلع القرن الجاري فهناك زيادة في الاهتمام باستخدام هذا الوقود البيولوجي. كمثال على الاهتمام بهذا الوقود فإن مزارع ماليزيا تزود العالم بنحو 47 في المئة من احتياجاته من زيت النخيل إذ يبلغ الإنتاج السنوي 15 مليون طن تساهم في تزويد الخزينة الماليزية 7-8 مليارات دولار أميركي. لكن يبدو أن هناك توجها نحو الاستفادة من جزء من الإنتاج السنوي في مجال الوقود البيولوجي لزيادة الربحية وبذلك زادت قيمة الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا القطاع بعد قبول الحكومة الماليزية الترخيص لهذه المصانع.

هناك الكثير من المنظمات الدولية التي تحذر من حدوث مجاعة ستقضي على المليارات من البشر بسبب استخدام المنتجات الزراعية في إنتاج الطاقة. من الممكن أن هناك مبالغة في هذه الأرقام لكن هنالك الكثير من الشواهد والنتائج المباشرة التي لاشك ستؤثر على القدرات المالية للشعوب الفقيرة للحصول على أساسيات الحياة. فمثلا ارتفع قيمة الذرة بعد خطاب للرئيس الأميركي الذي شجع على استخدام خليط من الغازولين والإيثانول المنتج من الذرة كوقود للسيارات إلى الضعف وهذا أدى إلى زيادة قيمة الكثير من السلع التي تعتمد على الذرة في مكوناتها وهذا سيؤثر طبعا على بعض الدول كاليابان وتايوان ومصر التي تستقبل مئات الآلاف من الأطنان من الذرة. الارتفاع الحاصل في الأسواق للكثير من السلع الغذائية - وخصوصا أننا دول مستوردة - يرجع إلى انخفاض الدولار الأميركي والسيولة في المنطقة والتضخم لكن هناك سببا آخر إلا وهو استخدام الوقود العضوي كمصدر طاقة. فمثلا معظم الإنتاج من زيت النخيل يستهلك في قطاع التغذية كالمايونيز والشيكولاتة والبسكويت والكعك الاسفنجي والحليب المجفف وكريم القهوة والآيسكريم وطبعا زيت الطبخ. هناك أيضا استخدامات في غير مجال التغذية. هل الوقود البيولوجي صديق للبيئة؟ الجواب «لا» ففي الفترة الأخيرة ارتفعت أصوات معترضة من المنظمات غير الحكومية الأوروبية تطالب بالحفاظ على التنوع البيولوجي في الغابات والتقليل من خطورة الانقراض لبعض الأصناف بسبب اجتثاث كميات كبيرة يوميا من الغابات لزراعة حقول النخيل الماليزية مسببة زيادة في انبعاث كميات هائلة من الغازات الدفيئة. هل هناك خطورة على الوقود الإحفوري من الوقود البيولوجي؟ الجواب «لا» ففي دراسة أميركية حديثة توصل أكاديميون من حقل البيئة إلى استنتاج أن الطاقة المنتجة من معظم المنتوجات الزراعية أقل من الطاقة اللازمة لإنتاجها من الوقود الاحفوري بنسبة 30-60 في المئة. بالتالي تطالب الدراسة بالتركيز على مصادر أخرى للطاقة كالطاقات المتجددة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 1928 - الأحد 16 ديسمبر 2007م الموافق 06 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً