الوطن كلمة انتماء ترمز إلى الوحدة والقوة ومنبع العزة والفخر كلمة لها إيحاؤها ووقعها على النفوس، فما إن يجري ذكرها على اللسان حتى يصير في ذهن الإنسان شريط حافل بالذكريات يحكي ماضيا أصيلا وحاضرا زاهرا ومستقبلا واعدا.
الوطن حضن واستقرار وسياج الأمان للمواطن الصادق في إيمانه وحبه لهذا الوطن الرؤوم الذي سقى قلوب أبنائه بخيراته ورفع شأنهم بين الأمم، فهذا الوطن بذرة إيمان غرست في أرض كريمة وطاهرة.
ومن منطلق حب الوطن، تجد الجميع في مختلف المجالات يعبّرون عن مدى حبهم بصور مختلف نرى منها الكثير كل يوم، أما في الوسط الفني فترى المطربين يتسابقون في تقديم أفضل الأغاني الوطنية.
ومن خلال هذا الزخم المتنوع من الأعمال الفنية الغنائية، التي تعطي دفعا كبيرا بالنهوض بالأغنية الوطنية البحرينية بالمستوى اللائق بها، وعلى رغم ذلك تكاد الأغنية الوطنية الناجحة تكون مفقودة! وكي نكون منصفين، نعترف أن أغنية أو أغنيتين وطنيتين نجحتا على المستوى الجماهيري على مدى السنوات الخمس الماضية، وانتشرتا بين الناس انتشارا رائعا، بل أصبح الجميع يحفظهما ويتغنى بهما، وأنا هنا لا أتحدث عن الأغنية الوطنية القديمة، وإنما عن بعض الأغاني الوطنية الحديثة، إذ إن تعويد الأذن على سماع هذا النوع من الأغاني الركيكة، قد يفقد الأغنية الوطنية طعمها.
ويبدو أن مؤلفي ومؤدي مثل تلك الأغاني الهابطة في كلماتها تناسوا أن الأغنية الوطنية لم تعد مجرد حالة عابرة في حياة الناس تتردد على مسامعهم في مناسبات خاصة، ثم تعود فتختفي، ثم تعود فتظهر من جديد بحسب الظروف التي تفرض ظهورها، بل غدت الأغنية الوطنية اليوم نغمة يومية لا تفارق الناس، تعبّر عنهم وتتفاعل مع طموحاتهم، وتذهب بعيدا في صوغ عواطفهم، فيحملون وهجها وصدقها ويعبّرون عن آمالهم على إيقاعها.
لذلك يجب صقل هذه الإبداعات (الشعراء، الملحنين والمطربين) وجميع مفرداتها ونسخرها لإنجاز عمل وطني كبير، نحن بحاجة إليه. فلكي نبرز مدى الالتحاق الجماهيري عاطفيا ووجدانيا بمجتمعهم وتاريخهم وحضارتهم، لابد من لفت أنظار الشعراء والمؤلفين إلى أهمية هذا الجانب الإبداعي وما له من تأثير كبير على تعميق المشاعر وترسيخها في نفوس كل البحرينيين.
كلنا يعرف أن الأغنية العاطفية لها مستمعوها، كذلك الأغنية الوطنية لها مستمعوها، ونحن نستشعر هذا النقص في الأغنية الوطنية.
نأمل من الشعراء والمؤلفين والمطربين أن يولوا اهتمامهم بعدد لا بأس به من المستمعين الذين يفضلون سماع الأغنية الوطنية الهادفة والمعبرة عن وحدة الشعب البحريني بالأرض والدين والسلام، والارتفاع بهذه الأغنية لتحتل مكانتها بين الأغاني العاطفية؛ لذلك ندعوهم إلى أن تكون هذا الأغنيات وتلك الكلمات نابعة من قلوبهم لتتغنى بها قلوب المطربين، وتطرب بها قلوب البحرينيين.
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1926 - الجمعة 14 ديسمبر 2007م الموافق 04 ذي الحجة 1428هـ