المرأة من جديد، همومها مع كلّ يوم، في كلّ العصور والأزمنة بسبب أنها الأضعف جسديا.
هي التي يجب حمايتها بالقوانين، بأنْ تكون واضحة وصريحة وتعاقب كلّ متسبب في استغلالها وامتهان كرامتها، والتقصير في الحجر عليها من ممارسة حقوقها الشرعية والتي أنزلت من عند الله سبحانه وتعالى، فالمتسبب في انحرافها يجب أن يحاسب وأن يعاقب.
وكيف باتت الحاجة ملحة لإخراج قانون الأحوال الشخصية للنور وتطبيقه، بعد أن حُبس في الأدراج لما يزيد على العشرين عاما.
مجتمعاتنا الإسلامية تنوء بالقصص الرهيبة لاستغلال ذلك المخلوق وذلك الجسد، وكيف يشتريها الرجال ويبيعونها. وترينا هذه الحكاية الحقيقية من إيران قصة لطفلة في التاسعة من عمرها، باعها والدها بزواج المتعة بما يعادل مئتي دولار، لرجل فوق الخمسين متزوّج مع عدّة أولاد كي ينام معها ليلا... وتعمل كخادمة لأسرته في النهار.
ولأن الوالد وأولاده لا يعملون... تكرر عملية البيع لآخرين من المستغلين للصرف على المخدرات والتي أدمنوا عليها. (من الأب الحقيقي)... ويستقر بها المقام أخيرا لرجل يستغلها في أعمال الدعارة في بيته حينما يداهم البيت بوليس الآداب ويقبض عليها تكون في حينها في الثانية والعشرين عاما، وهي لا تعرف سبب وجودها وراء القضبان؛ لأنها تعتقد أنها تعمل لتساعد والديها، فلم تعرف عملا آخر، ويحكم عليها بالإعدام شنقا مع مَنْ معها، وجلد الرجال فقط، وحينما سمعت محامية شابة بقصة هذه الفتاة تقدّمت للدفاع عنها واستأنفت الحكم وذكرت للقاضي كيف أنّ “قسوة الحياة لم ترحمها، وأنها أجبرت على ذلك قسرا من والديها، وهي لم تنعم بعطف أو حنان والدتها وحُرمت من التعليم ولم تتعرف حتى على ديانتها لممارسة حقوقها الدنيوية والدينية، ولم تعرف ما هو البلوغ وكيفية التعامل مع جسدها وحياتها، وكيف أنّ ذلك الجسد النحيل استغل للصرف على مدمنين من الوحوش البشرية وكيف غدرتْ بها الحياة والزمان.
هذه المخلوقة حُرمت من حقوقها الإنسانية كافة فلا تحرموها وتسلبوها حقها الأخير والوحيد وهو ممارسة الحياة من جديد، وهو فقد ما تبقى لها، “أضافت أخيرا”!
أثارت الجملة الأخيرة كيان القاضي ونظر للمحامية بكلّ رقة وعيون دامعة، وقال ما هو طلبك؟ أجابت أنْ يُخلى سبيلها وإدخالها مراكز التأهيل لتأهيلها من جديد للتعرف على الحياة وإدراك حقيقة جسدها وكيانها، وكان لها ما أرادت... وأنقذت الفتاة بالصدفة؛ لأنّ المحامية بارعة الأداء.
أمّا حكاية أخرى في السعودية تم فيها إعدام فتاة تعرضت للاغتصاب من قبل خمسة رجال واتهمت تلك البريئة بالفجور... وعوقب حضرات السفلة من الرجال بالجلد فقط لجريمتهم الشنعاء.
ربما لعدم وجود عامل الرأفة في تلك القوانين، أو لعدم وجود محامية نشطة كإيران، ولسرعة تطبيق القضاء على تلك المخلوقة فضاعت المسكينة وانتهت حياتها ظلما وعدوانا.
هي بعض من الحكايات التي نسمعها، وهنالك الكثير جدا غيرها مع ضحايا تعذيب ومعاناة لا توصف لفتيات صغيرات في عمر الزهور قد يأتينَ ويذهبنَ من الحياة، من دون أن يذقنَ طعما لأية متعة لأي شيء في الوجود. هذه المجتمعات الظالمة التي تستمر في تأنيب المرأة وظلمها وهضم حقوقها... مَنْ سيقف لها، كيف ومتى سينصرها الرجل والإنسان؟! أم لأنهم هم الذين يحكمون ويقررون؟ إلى متى سيبقى هو القاضي، وهو الجلاّد؟!
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1924 - الأربعاء 12 ديسمبر 2007م الموافق 02 ذي الحجة 1428هـ