يظل اللهو شحيحا في حياتنا. اللهو بمعنى استثمار حصة ما خارج كادر المسئولية والإملاء ندشّن من خلاله مشروعا يعد بالكثير.
طالما كرّرتُ على الزميل حسين مرهون ضرورة رصد نص كهذا. نص لحظة نسرقها من زحامٍ ومسئوليات لا حصر لها. يمنّي نفسه كثيرا بإنجاز مثل هذا النص، لكننا نعود أدراجنا محبطين، بالكاد نتذكر أننا تواعدنا «بشرف» زائف على إنجاز المهمة!.
****
كنت لاعب «بلياردو»، حققت فيها مراكز في بطولات تصنيفية في دولة الإمارات العربية المتحدة لعامين في نهاية ثمانينات القرن الماضي، علاوة على لعبة «السنوكر».
لا شئ يغريني على اللهو بعد الكتابة مثل «البلياردو». أشعر بشئ من التوازن في حالين: الكتابة، والبلياردو. أمعن في لهوين، الأول في عزلة محضة، والثاني في اكتاظ وتنوع بشري. لي حصتان في لهوين. لهو أمعن في استغراقي في عوالمه وجديته وصلابته، وأحيانا رهافته، ولهو أتجرّد فيه من «معرفتي». أصادف أميين ومتشردين في اللعبة التي تستحوذ على اهتمامي. أكاد لا أفقه شيئا أمام هذا اللهو المفتوح على المرح والمكر والخديعة والحب أيضا. مكر له صفة الامتحان والمراس وأحيانا الغفلة.
في درس اللهو، طوبى للممسوسين بالعاقل والهادف منه. لا تملك إلا أن تتحسس وتختبر إمكاناتك وتأسيسك. تعيد النظر في العالم الصغير من حولك (العالم المستطيل) المكسو بالأخضر، والمنمّش بالكرات السبع التي يراد لك أن ترسلها إلى مكامنها. إلى حيث تنتمي وتنتهي، فيما الآخر متفرّجا على شهوة «الطَرْق» بعصا لها صفة الدليل. عصا بأكثر من عين لها حدقة زرقاء تكحّلها بتبر أزرق يلائم الحدقة!.
في درس اللهو - يحدث أحيانا أن يهرب الإنسان من حصة الطرْق على رأسه، إلى حصة الطرْق على كرات تدفعك صدفة إلى افتتاح الحصة واختيار ربما ما لاتحب من اللون والهيئة. لكنك تمضي غير مكترث بالراهن. مضيّا إلى مستقبل سيسفر عن كرة عزلاء (سوداء) ولكنها سيدة الحسم، وملكته... بها تُتوّج، ومن دونها تنتظر دورك ريثما يتسنى لك الحظ إعادة الكرّة في المحاولة، وقد تعود بخزي يذكّرك بلون السيدة التي يمكنها أن تتوّجك ملكا على المستطيل الأخضر!.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1924 - الأربعاء 12 ديسمبر 2007م الموافق 02 ذي الحجة 1428هـ