العدد 1923 - الثلثاء 11 ديسمبر 2007م الموافق 01 ذي الحجة 1428هـ

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان... «الكرامة والحقوق» شعار هذا العام

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

تحتفل البشرية كل عام بيوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول وهو اليوم الذي يصادف يوم إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل الجمعية العامه للأمم المتحدة العام 1948 كيوم عالمي لحقوق الإنسان واختارت الأمم المتحده شعار «الكرامه والحقوق»، جعل الحق العالمي في الأمن الاجتماعي حقيقة المهمة المركزيه لعام 2007، فماذا تحقق من هذا الشعار. نحن في مملكة البحرين نشعر كشعب بالأهمية القصوى لهذا الشعار خصوصا في ضوء تصديق مملكة البحرين على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية، وجعله جزءا من التشريع الوطني، وإقرار قانون الضمان ضد التعطل.

لكن هذا العام شهد مفارقة فاجعة، فمن ناحية وصل سعر البرميل الخام إلى 99 دولارا، وتدفق مئات الملايين على الموازنه العامة و تحقيق الميزان المالي للدوله فائضا ضخما للسنة المالية الثالثة على التوالي، ومن ناحية أخرى، فإن الاوضاع الاقتصادية لغالبية المواطنين في تراجع وثروات القلة ترتفع بسرعه صاروخية.

فإذا فككنا الحقوق الاقتصادية إلى عناصرها الاساسية نرى ما مايأتي:

1. الحق في السكن : وهو حق مكفول لذوي المداخيل المحدوده، فإن الفجوة ما بين ما تنجزه وزارة الإسكان والأشغال من خدمات إسكانية وما بين الطلبات للخدمات الإسكانية وما بين الطلبات الجديدة لهذه الخدمات في تزايد بحيث تجاوزت الطلبات للخدمات الإسكانية الحكومية 55 ألف طلب يعود بعضها لبداية التسعينات.

كما أن أسقف القروض الإسكانية 30 ألف دينار لم يعد كافيا لشراء قطعة أرض فما بالك ببناء منزل، و ما يفاقم الوضع أن غالبية الأراضي المدفونة ضمن مشروعات حكومية تتحول إلى أراض استثمارية خاصة، فيما ارتفعت أسعار الأراضي بشكل صارخ دون إمكانات حتى أبناء الطبقة الوسطى، وحتى الشقق الموعودة تبدو بعيدة المنال لسنوات للموعودين بها.

2. مستوى معيشي لائق : تبنت حكومة البحرين شعار العمل اللائق للمواطنين وهو العمل بالمردود المجزي. لكننا الآن نواجه حقيقة مرة وهو أن هناك موجة غلاء شاملة لكلفة السكن والمعيشة والتعليم والتطبيب وغيرها، وبالتالي فإن القيمة الشرائية لرواتب متوسطي ومحدودي الدخل في القطاع الخاص والعام قد تدهورت بحيث أن مستوى معيشتهم الفعلي قد انخفض. و لذلك يلجأ البحرينيون للقروض الشخصية التي أصبحت قاعدة، و هو مايضع المواطن في قلق دائم أمام احتمال عدم قدرته عن السداد. تظهر أرقام التأمينات الاجتماعية وجود عشرات الآلاف من البحرينيين برواتب دون الـ200 دينار، وإذا أخذنا بالإعتبار وعلى رغم غياب القياس، إن عائلة من 6 أفراد تحتاج ما لا يقل عن 600 دينار للوفاء بالاحتياجات المعيشية، ولنا أن نتصور نسبة من هم دون خط الفقر.

3. إن افتقاد الكثير من العائلات لاي مصدر دخل او دخل غير كاف قد ضاعف أعداد الذين يعيشون على مساعدات وزارة التنمية الاجتماعية و الصناديق الخيرية والمؤسسة الملكية الخيرية.

هؤلاء يعيشون عيشة الكفاف، وهناك الآلاف ممن يتعففون من مد أيديهم إلى مؤسسات الإحسان وأن الإجراءات البيروقراطية تحول دون حصولهم على مساعدات.

4. لقد نجح برنامج التوظيف الوطني في توظيف الكثير، كما أن نظام الضمان ضد التعطل سيوفر مصدرا مؤقتا و جزئيا للعاطلين عن العمل، لكن المشكلة تكمن في استمرار ظاهرة البطالة، وتدني الأجور لغالبية الأعمال المعروضة على العاطلين، في حين تذهب الغالبية العظمى من فرص العمل التي يولدها الاقتصاد البحريني إلى الأجانب.

5. حقق الاقتصاد البحريني نموا خلال العام 2006 تجاوز 7 في المئة ـ وتشهد البلاد فورة عمرانية هائلة وازدهارا اقتصاديا، لكن هذا الازدهار لا يتوزع على غالبية المواطنين بالعدالة المطلوبة، فمقابل المدن الاستثمارية الفارهة هناك القرى والأحياء الداخلية للمدن التي تتدهور أوضاعها وبنيتها التحتيه. أحد المؤشرات الآلاف من البيوت الآيلة للسقوط، والازدحام الشديد للمواطنين والوافدين في مثل هذه البيوت، ولجوء الكثيرين لبناء طوابق إضافية، وافتقاد القرى لخدمات عامة مقبولة.

6. ظل المواطن يتمتع بالخدمات الأساسية مثل التعليم والتطبيب والنظافة والكهرباء والماء بنوعية جيدة وكلفة شبه مجانية للتعليم والتطبيب. لكن ذلك في طريقه للتلاشي في ظل تدهور نوعية الخدمات العامة وأهمها التعليم والتطبيب في ظل ازدهار التطبيب والتعليم الجامعي الخاص الذي هو دون إمكانات المواطن العادي.

7. إن نوعية الحياة قد أضحت معيارا للحقوق الاقتصادية الاجتماعية، ومعناه تمتع الإنسان ببيئة نظيفة، وشواطىء مفتوحة وغابات ومتنزهات خضراء وأماكن للتسلية والترويح، والتمتع بمستوى حياة لائق والاطمئنان النفسي على المستقبل للفرد والعائلة.

إننا في البحرين محرومون من كل ذلك ويعيش المواطن في قلق شديد من المستقبل، وقد أدى تلوث البيئة إلى ازدياد السرطانات والاكتظاظ إلى الذبحات الصدرية وبالطبع نحن نعيش في جزر بلا سواحل، ويضيق الفضاء العام باضطراد. لقد ولت تلك السنوات التي كانت تحقق فيها البحرين مراكز متقدمة في التنمية البشرية ومستوى المعيشة، والخدمات الصحية والتعليمية.

معالجات قاصرة

في ظل وطأة الحاجة وعدم القدرة على فرض المطالب، فإن الدولة تلجأ إلى سياسة المكرمات التي تتصدق بها على الناس، ومن ذلك رفع الرواتب بنسبة زهيدة 15 في المئة، أوإسقاط الأقساط الاسكانية المترتبة، أو إسقاط نسبة من فواتير الكهرباء والماء أو مساعدات في المناسبات للمحتاجين.

لكن ذلك هو دون معالجة الواقع معالجة جذرية. لقد كشفت الأرقام الرسمية أن سكان البحرين في سبتمبر/أيلول 2007 بلغ مليونا وسبعة وأربعين ألفا تقريبا نصفهم من الأجانب 517 الفا، و النصف الآخر بحرينيون 529 الفا، ما يعني تدفقا هائلا للأجانب الى جانب التجنيس الواسع. ونعرف جيدا أن هناك تمييزا في بعض الخدمات الحكومية مثل الإسكان والتوظيف، ما يفاقم من معاناة الغالبية الدنيا في السلم الاقتصادي والاجتماعي.

ويبقى الأمل في توحد شعب البحرين للدفاع عن حقوقه المشروعة في ظل نظام زيادة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية وازدهار لا يطال المواطن العادي

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1923 - الثلثاء 11 ديسمبر 2007م الموافق 01 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً