في اليوم الذي يصل الحد الأدنى لراتب البحريني 230 دينارا عن طريق رسوم هيئة صندوق العمل، حينها ستحل المفاجأة المؤلمة علينا جميعا، لنكتشف وهم تحريك السوق بشكل تلقائي.
لو تُوجد نية لإيجاد حل جذري لمشكلة تدني الأجور، لما تم فتح باب الهجرة إلى قطر والإمارات، في الوقت الذي يعج البلد بأكثر من 400 ألف أجنبي. وفي ظل حاجة السوق لهذا العدد الهائل من العمالة الأجنبية، فإن رفع الرسوم على استيراد العمالة الأجنبية بلا تمييز بين مختلف الوظائف، يعني ارتفاع كلف المعيشة. لا يهم ادعاء الحكومة بصغر حجم المبلغ المقترح حاليا وهو زيادة 12 دينارا تقريبا عن كل أجنبي شهريا، لأن المبدأ خاطئ من الأساس، فمن أجل أن يصبح الحد الأدنى لراتب البحريني 230 دينارا، سيتم مستقبلا رفع الرسوم لتصل إلى مئة دينار شهريا عن كل أجنبي بحسب دراسة ماكينزي، سواء الخباز والبقال والبناء، حينها ماذا سيحدث؟ هل سيبقى سعر الخبز كما هو؟ هل ستبقى كلفة البناء كما هي؟ ألن ترتفع أسعار السلع الغذائية بصورة صاروخية مخيفة؟ فما الذي سيحصل؟
ليس فقط لن ينتفع البحريني بالراتب الذي تطمح الحكومة لتوفيره له وهو 230 دينارا، فحين ترتفع الأسعار، قد لا يساوي هذا المبلغ في ذلك الحين 130 دينارا في الوضع الحالي، ولكن الأمر الأخطر على الإطلاق، أن الطبقة الوسطى ستضمحل، إذ لا يمكن للجهات الرسمية أن تزعم ببقاء أسعار السلع كما هي حين تصبح كلفة الخباز الأسيوي والبقال وعامل البناء أكثر من 170 دينارا شهريا.
ومثال على ذلك، بناء مسكن، فلو افترضنا أن رفع الرسوم المقترحة عن العامل الأجنبي بزيادة 12 دينارا شهريا تقريبا (من 150 كل سنتين إلى 200 دينار مضافا إليها 10 دنانير شهريا)، سيرفع كلفة إنشاء منزل بنسبة أقل من 3 في المئة فقط، فكم ستصبح هذه النسبة حين يتم رفع الرسوم لتصبح بمعدل 100 دينارا شهريا عن الأجنبي؟ (600 دينار كل سنتين في حال التجديد مضافا لها 75 دينارا شهريا) ألن ترتفع الكلفة بنسبة كبيرة جدا قد تزيد على 25 في المئة مقارنة مع الكلفة الحالية؟ ألا يحتاج مثل هذا التوجس إلى دراسة دقيقة وصادقة تُطمئن الجمهور؟
هذه الزيادة فقط بسبب بناء مسكن، فماذا عن باقي السلع والخدمات الأخرى؟ والمحصلة النهائية، أن أصحاب الرواتب المتدنية التي ارتفعت إلى 230 دينارا قد لا ينتفعون بها، «فكأنك يا زيد ما غزيت» بسبب الغلاء، ومن جانب آخر، فإن الغلاء المتوقع، سيرمي الطبقة الوسطى إلى أسفل سافلين، كمن «يريد يكحلها... عماها» كما في المثل الشعبي.
إذن، طريقة فرض رسوم بشكل شامل ومتساو على أرباب العمل عن العمالة الأجنبية لديهم من أجل رفع كلفة الأجنبي ليكون البحريني هو خيار رب العمل، لن يحل المشكلة على الإطلاق، بل سيخلق مشكلة أكبر وأخطر، إذ سيجعل البحرينيين طبقتين فقط، قلة ثرية جدا، وأكثرية فقيرة أكثر من الوضع القائم. والحل، كما سبق طرحه، التمييز في فرض الرسوم، فترتفع على الوظائف المجزية، وتنخفض بشدة على الوظائف غير المرغوبة من قبل المواطنين لضعف أجورها، أو اعتماد النسبة المئوية على راتب الأجنبي
إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"العدد 1923 - الثلثاء 11 ديسمبر 2007م الموافق 01 ذي الحجة 1428هـ