الدفعة القوية التي أعطتها أميركا لإعادة إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بتنظيمها لمؤتمر أنابوليس سرعان ما تلاشت ولمّا يجف الحبر الذي كتبت به مقررات المؤتمر. فقد نقضت «إسرائيل» المواثيق وهذا طبعا ديدن اليهود عبر العصور، ففي ظرف أسبوع من عقد المؤتمر اغتال جيش الاحتلال أكثر من 30 فلسطينيا في قطاع غزة، ما جعل الرأي العام العالمي يتساءل هل كان «أنابوليس» اجتماع حرب أم سلم حيث نتجت عنه مؤامرة كبرى ضد سكان غزة. نعم كان «أنابوليس» اسما على مسمى، إذ أريد له أن يهتم بالشأن الأمني ومكافحة ما تسميه «إسرائيل» وأميركا «الإرهاب»، إذ إنهما لا تميزان بين المقاومة وغيرها، بل ذهبتا إلى أبعد من ذلك بسعيهما إلى الوقيعة بين الفلسطينيين أنفسهم. أما أكبر خطأ ارتكب في مؤتمر السلام فهو التركيز على يهودية الدولة العبرية ولكن الفطنة العربية تنبهت إلى هذه المؤامرة التي تلغي حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم. لكن «إسرائيل» أحرجت الولايات المتحدة وبددت أمل المتفائلين من الفلسطينيين والعرب المشاركين في المؤتمر بإعلانها عن مناقصات لبناء 300 وحدة استيطان جديدة في القدس وفي هذا مخالفة صريحة لما اتفق عليه في «أنابوليس» من السعي لبناء الثقة بين الجانبين. وهنا لا ننسى أن «إسرائيل» أجهضت مشروعا أميركيا قدم إلى مجلس الأمن لكي يتبنى نتائج «أنابوليس» وتصبح توصياته ملزمة. وعموما حتى الدعوة إلى المؤتمر كانت قائمة على باطل، إذ دعيت له السلطة الفلسطينية ولم تدع له منظمة التحرير ومن ثم ما بني على باطل فهو باطل.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1922 - الإثنين 10 ديسمبر 2007م الموافق 30 ذي القعدة 1428هـ