بلا شك أن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ومستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي كانا نجمي مؤتمر «حوار المنامة» الذي اختتم أعماله أمس الأول.

فالآراء التي أطلقت على لسانهما فجرت دويا لردود خليجية وأخرى عراقية بدءا من الملف النووي الإيراني ومقارنته بـ «إسرائيل» ووصولا إلى الملف العراقي وتحميل أزماته دول المنطقة.

لن يكون أثر ذلك في تباين الآراء ولكن على مستوى جميع الدول المشاركة التي تحدثت بصورة صريحة جدا من دون تحفظ في شئون المنطقة إذ يعد أمنها اهتماما دوليا لا إقليميا فقط.

وبالتالي فخروج هذه الآراء أمر طبيعي في مثل هذه الملتقيات حتى لو كان الرأي لا يعجب الطرف الآخر الذي ربما يستفز, كموضوع مقارنة «إسرائيل» بإيران مع ملفها النووي إلى اتهام إيران والسعودية بالتنافس على العراق الذي هو ضحية مشاحنات المنطقة التي لا تنتهي.

ويكفي أن نري كيف كانت هي آراء الربيعي مع آراء نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بشأن الوضع في العراق الذين كلاهما تحدثا بلغة مختلفة وهو ما يعكس ما يدور بين هذه الجماعة وتلك داخل الساحة العراقية.

وعلى رغم أن غالبية المحاور الأمنية التي طرحت تعني بإيران التي قرر وفدها في آخر لحظة عدم الحضور للمؤتمر فإننا لا نمكن تجاهلها لأن أمن الخليج جزء من إيران سواء تقبلنا ذلك أم لا... فالقدر الجغرافي هو الذي يفرض وجودها على المنطقة, وعدم مشاركتها قد يعطي استفسارات كثيرة وخصوصا أن إيران داخلة في كل كبيرة وصغيرة للمشكلات العالقة بالمنطقة, وكثيرا ما جاء ذكرها في جلسات «حوار المنامة» بالدرجة الأولى حتى في مسألة الدعوات العراقية التي أطلقت بشأن خلق عهد إقليمي مماثل لحلف الناتو أو عهد بغداد القديم.

كل ذلك يدفعنا إلى القول إن على دول المنطقة أن تنظر برؤية مختلفة لمستقبلها ومصير شعوبها التي هي الأخرى سئمت من هذه المشاحنات والمزايدات فيما بينها التي دفعت فيها ثمنا باهظا.

لذلك وجب الحث على فتح باب حوار أكثر جرأة وصراحة عما هو الآن فيما بين دول المنطقة بما فيه واشنطن إن كانت حقا جادة بأمن المنطقة فعليا, كما جاء في كلمة الربيعي في أن تبادر بفتح الحوار مع طهران وحليفتها دمشق والأخيرة التي لم تدعَ على مدار أربعة سنوات إلى «حوار المنامة» وذلك لضمان حسن النية بعيداَ عن مفاجآت لسيناريوهات أخرى.