إن الفائض المالي النفطي الحالي يعتبر فرصة تاريخية قد لا تتكرر لإحداث التغيرات الجوهرية المطلوبة في الاقتصاد الوطني. ولا يختلف اثنان على تدني المستوى المعيشي للمواطن البحريني على الرغم من عمليات الانعاش لتحسين دخله على استحياء، هذا بجانب التجاذب الحاصل للمكاسب النخبوية والسياسية، ناهيك عن الأعذار المحذرة لعجز ذاك الصندوق وتراجع تلك الاستثمارات .
وقبل الخوض فى شرح هذا العنوان والمقدّمة دعونا نتعرف إلى العجز الأكتوارى الذي نوقش لفترة ومن ثم هدأت الأمور, هو نظام اقتصادى محاسبي يعتمد جزءا كبيرا من نتائجه على المعلومات التي يتم تغذيته بها. من هنا سننطلق إلى ما هو أهم وهو تحسين وضع المواطن البحريني فى ظل ارتفاع الأسعار ويكون الجزء الأعظم منها غير مبرر, وهو مطلب كل بحرينى, من خلال هذه المتغيرات بما فيها العجز الاكتواري وصعوبة تعديل وضع الفرد الاقتصادى وأماني الاقتصاد المنشود، وهل الجهة المعنية ملتزمة بتحسين دخل الفرد بعيدا عن هذه التجاذبات .
من هنا تبرز الحاجة إلى أن يكون هناك تضافر للجهود من قبل الجهات المعنية من السلطة التشريعية والتنفيذية، فدور النواب هو الحد من المقترحات التي من شأنها دغدغة مشاعر الناخبين المالية, فهناك الكثير من المقترحات المالية بين زيادات وإسقاط قروض سوف تؤدي إلى زيادة مؤقتة غير مستدامة فى مستوى دخل الفرد، من شأنها تحميل الموازنة العامّة للدولة أعباء لا تستطيع النهوض بها. فمن الحكمة أنْ تقوم الجهات المعنية - وهنا نقصد الحكومة- لإحداث تنمية مستدامة بتنفيذ مجموعة من الإجراءات من أهمها المحافظة على الأصول, وإعادة صياغة دور المملكة فى النشاط الاقتصادى واتباع أساليب متطورة لتنمية وتطوير دور القطاعين العام والخاص المحلي والأجنبى فى الاقتصاد الوطني. وليس من المنطق أن نصف التغير العمراني وصناعة العقار بأنها أحد منجزات تحسن دخل الفرد أو الرسوم المفروضة مستقبلا على العمالة هي من إنجازات تحسن الدخل، أو تأخر استلام الوحدات السكنية في أحسن حالاته 10 سنوات أنه انجاز. فالمواطن البسيط ينظر إلى 4 أمور رئيسية وهى السكن والصحة والتعليم وفرص العمل بدخل يوازى التضخم غير المعلن. وكثيرا ما نسمع عن الدعم الحكومي في هذا المجال أو ذاك, وليكن معلوما للأخوة الساسة بأن دعم المواطن يجب أن يحسب على أساس الالتزامات المالية المطلوبة لتغطية الدعم الحكومي، حيث من المفترض أنْ يشمل الكهرباء والماء والرعاية السكنية وخفض كلف المعيشة ودعم المنتجات المكررة وفوائد القروض العقارية ومنح الزواج ودعم العمالة الوطنية في الجهات الغير حكومية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ما هي الالتزامات المالية المطلوبة لتغطية العجز الاكتوارى للهيئة العامة لصندوق التقاعد. وإذا تم تعديل الراتب التقاعدي هل الحكومة على استعداد لسد هذا العجز؟ فمن المنطق حساب المعدل السنوي لكل مواطن بحريني بالدينار بعد هذا التعديل، لمعرفة إلى أين نسير باقتصادنا الوطني. وما هو النظام الاقتصادي المتبع لدى الساسة المعنيين، هل هو الاقتصاد الشمولي أو الرأسمالي أو المختلط، فإنّ تحديد النظام الاقتصادي سيساعد على تحديد الأهداف المرجوة بصورة شمولية إنْ وجد هذا النظام لدى الجهات المختصة .
إنّ الدعوة لتأسيس نظام اقتصادي فى بلادنا الحبيبة وغيرها من بلدان العالم الثالث هي دعوة قائمة ومشروعة وضرورية، إذ أنّ العدل واستقرار دخل الفرد فى ظل المتغيرات هو السبيل الأمثل لضمان تكافؤ الفرص في المجتمع, ويمهد الطريق لحدوث التقدم .
خلاصة القول إنّ اتخاذ قرار برسم اقتصاد وطني ليس من اليسير بل من أصعب القرارات أن تتخذها جهة بمفردها من دون الاستعانة ببيوت خبرة متخصصة. ويجب أن يواكب بيوت الخبرة وجود نخبة تعي التطبيق العلمي والعملي لهذا النظام، هذا إلى جانب قرارات الاستثمار الممنوحة مطلوبة ولكن ليس على حساب الكل ومن المعلوم فالفرد للكل وليس الكل للفرد.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 1922 - الإثنين 10 ديسمبر 2007م الموافق 30 ذي القعدة 1428هـ