لا ندري ما الذي جعل الشركة الراعية لمسابقات اتحاد الكرة «اكسم» تفكر وتبتكر خطوات لجذب الجماهير إلى المدرجات بعيدة عن الواقع، ومن هو الذي قدم استشاراته وأقنع الشركة الراعية أن تتخذ قرارها بالاتفاق مع الفرقة الغنائية بقيادة علي بحر من دون أن تكون هناك دراسة علمية تسبق التنفيذ، ولم تكن هناك أية استشارات مع أهل التخصص للوصول إلى حقيقة عزوف الجماهير عن الحضور إلى المدرجات. هذا يقودنا إلى سؤال، هل الجماهير البحرينية لا ينفعها سوى الفرق الغنائية في الملاعب كي تحضر إلى المدرجات؟ الشركة الراعية «اكسم» هل درست فعلا أسباب العزوف الحقيقية للجماهير عن هذا الحضور إلى المدرجات وقامت بهذه الخطوة الغريبة كحل جذري للمشكلة.
في هذا السياق نذكر الشركة الراعية أن الجماهير البحرينية تحمل الوعي والإدراك الكبير ولا تحتاج إلى مثل هذه الحوافز التشجيعية لكي تقتنع من أجل الحضور ولها سوابق في مثل هذه الأمور.
في السبعينات كانت مدرجات استاد المدينة ومدرجات استاد المحرق الذي هو الآن ملعب نادي البحرين دائما ممتلئة، وقلما ترى المدرجات خالية من الجماهير، وهذا الأمر يدل على أن الجماهير البحرينية تعشق فرقها حتى النخاع، وبذلك لا تحتاج إلى مثل هذه المحفزات غير الطبيعية، والأمر كذلك في الثمانينات ايضا وحتى التسعينات.
ولكن ما الذي جعل الأمر يتغير فجأة وتعزف الجماهير عن الحضور؟ هذا سؤال يحتاج إلى اجوبة وافية من الشركة نفسها واتحاد الكرة لكي نستطيع أن نضع النقاط على الحروف ومن ثم نحصر المشكلة لتتم معالجتها جذريا.
هناك عدة أمور متداخلة يعرفها اتحاد الكرة جيدا كانت وراء هذا العزوف الغريب وعلى رأسها التجنيس العشوائي الذي أضر بمنتخباتنا الوطنية والدوري ومسابقاتنا الكروية، وأضف إلى ذلك القوانين الداخلية في اتحاد الكرة وقراراته غير المدروسة في الكثير من أموره، كقرار المقيم الذي اثار جدلا واسعا بين الأندية حتى تم ايقاف هذا القرار الغريب.
الاخفاقات والسقوط المتكرر للمنتخب الوطني في استحقاقاته الأخيرة جعل الجماهير تكره الكرة سواء في الدوري أو حتى مع المنتخب الوطني. وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة جادة لحلحلة الأمور، ولا يجوز وضع البهارات المقنعة وغير الطبيعية البعيدة كل البعد عن الحقيقة، وبالتالي نضع الحلول في غير مكانها لأن الأسباب غير منطقية وبعيدة عن الواقع.
نحن نقول ان التجنيس الرياضي بشكل عشوائي له الدور الأكبر والأثر المباشر لمثل هذه الأمور، ونحتاج إلى علاج سريع، ونحن متأكدون بشكل جازم متى ما حلت هذه المشكلة فإن الجماهير ستعود وبكل ثقلها إلى المدرجات، وهذا ما أكدته الجماهير في استبيان «الوسط الرياضي» بأن التجنيس السبب الأول والأخير وراء هذا العزوف.
بعد ذلك نقول للشركة الراعية كم من المبالغ المالية تم صرفها في جلب علي بحر وفرقته الغنائية إلى الاستاد الوطني، فبدلا من هذا المبلغ المالي المهدور في غير محله، لماذا لم يفكر المسئولون في الشركة الراعية أن يخصصوه لجوائز تشجيعية وتحفيزية للجماهير ولو بمبلغ رمزي (20 دينارا) بحيث يختار من كل مباراة 10 أشخاص من الجماهير ليحصلوا على هذه الجوائز التحفيزية، أضف إلى طرح تذاكر الدخول وفيها امسح واربح بجوائز فورية. أضف إلى ذلك على الشركة الراعية بدلا من خطواتها غير المحسوبة ان تنظر بعين الاهتمام إلى أسعار التذاكر المرتفعة لجماهيرهم من طبقة الطلبة الذين يمثلون العدد الأكبر من الجماهير، و500 فلس هو السعر المناسب جدا لدخولها سواء كان ذلك في المدرجات المواجهة للمنصة الملكية أو على يمينها ويسارها بالاستاد الوطني، لا أن تحدد تذاكر الدخول بدينار والمنصة بـ 5 دنانير، كأنما تقول للجماهير لا نريدكم أن تحضروا مباريات الدوري هذا الموسم.
نعود إلى الشركة الراعية ونسألها على ماذا استندتي في قبول رعاية مسابقات اتحاد الكرة بعدما فكت «ميتاف» عقدها مع اتحاد الكرة بسبب عدم نجاحها في جذب الجماهير إلى المدرجات، ما وضعها في خانة الخاسر، ثم لماذا عند قبولها الرعاية تعقد مؤتمرا صحافيا تدعو إليه الصحافة الرياضية والاعلام المرئي والمسموع إلى جانب المقروء تطرح أهدافها والخطوات التي ستنفذها لجذب الجماهير وأخذ المقترحات والأفكار من المحررين الرياضيين في الصحافة المحلية؛ لأنهم كما نعتقد يمتلكون الأجوبة السليمة والأسباب الواقعية لا أن تجر نفسها إلى ما لا يحمد عقباه.
نحن، ومن منطلق المصلحة الوطنية، نقول للشركة الراعية ألا تهدر أموالها في غير محلها، وعليها أن تفكر جيدا في الأسباب الحقيقية وراء هذا العزوف وكيفية جذبها (الجماهير) ولكن بطرق واقعية، نحن بانتظار خطوات الشركة الراعية الجديدة الواقعية.
إقرأ أيضا لـ "هادي الموسوي"العدد 1921 - الأحد 09 ديسمبر 2007م الموافق 29 ذي القعدة 1428هـ