عبر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عن دهشته من تغير مواقف «حكومة الثورة الإيرانية» - بحسب وصفه - بتقبلها وللمرة الأولى، تقييم وكالة الاستخبارات الأميركية عن برنامجها للتسلح النووي، إذ إن هذه الحكومة تعترف الآن بنوعية تقييم المخابرات الأميركية، لكنه افترض أن ايران ستتقبل تقييم المخابرات الأميركية عن «عدة محاور».
وعدد تلك المحاور في كلمته التي ألقاها أمام «حوار المنامة» بفندق الريتز كارلتون صباح أمس ومنها تمويلها وتدريبها الميليشيات في العراق ونشرها أسلحة وتكنولوجيا فتاكة في العراق وافغانستان ودعمها المتواصل للمؤسسات الإرهابية مثل حزب الله وحماس (الذين قتلوا آلاف المدنيين الأبرياء)، علاوة على بحثها وتطويرها المتواصل للصواريخ البالستية المتوسطة المدى والتي ليس لها أهمية إلا إذا زودت برؤوس تحمل أسلحة الدمار الشامل.
بين العلوي وغيتس
وأعقب كلمة غيتس تفاعل من جانب كبار الشخصيات التي حضرت الجلسة، وكان لافتا سؤال وزير العمل مجيد العلوي الذي وجهه الى غيتس قائلا: «هل تعتقد أن الأسلحة النووية الإسرائيلية تشكل تهديدا على المنطقة أم لا؟»، فكانت الإجابة المقتضبة لا تتعدى ثلاث كلمات: «لا أعتقد ذلك»، في الوقت الذي دافع فيه عن «إسرائيل» و «شن حربا» على إيران مبرئا «اسرائيل» ومدينا إيران.
وأشار الى أن الولايات المتحدة الأميركية تركز حاليا على التحدي النووي الإيراني، وهي تفعل ذلك، تركز مئة في المئة على الضغوط الاقتصادية والسياسية، مشيرا الى أن «إسرائيل» لا تدرب الإرهابيين لتقوم بعمليات إرهابية في دول الجوار، ولم ترسل أسلحة الى العراق لكي تقضي على مئات المدنيين بشكل واضح، وهي - أي «إسرائيل» - لم تهدد وتدمر أيا من جيرانها ولم تحاول أن تزعزع حكومة لبنان.
وزاد قوله مدافعا: «اعتقد أن هناك فوارق هائلة على الصعيد التاريخي والسلوك بين (إسرائيل) وايران، وربما لا توافقونني الرأي في ذلك».
وقال إنه في العام 2004 تم اجراء دراسة عن علاقة أميركا بإيران دعت نتائجها الى المزيد من الحوار والاتصال مع القيادة الإيرانية، وقامت ايران ببعض الأشياء المفيدة في العراق وأخرى غير مفيدة وقدمت مساعدة نسبية في افغانستان، لكن يبدو أن القيادة السياسية الحالية مصممة على النزاع مع جيرانها وعقدت العزم على تقويض الأمن في العراق، ما أدى الى تقويض الأمن في دول مجاورة ولهذا فهي - أي ايران - تتجاوز قرارات مجلس الأمن وتواصل تخصيب اليورانيوم ضمن برنامج غير رسمي.
هل القيادة الإيرانية عقلانية؟
وشدد قائلا: «إن تصرفات الحكومة الايرانية منذ بداية عهدها لا تدعو إلى التفاؤل ولا تشير الى أن الحوار قد يكون مفيدا، وكان من الممكن أن يكون بيان أميركا بشأن تعليق البرنامج النووي اساسا للحوار، لكن الوفد الإيراني لم يحضر، وربما ستكون لإيران مشاركة في اجتماع من المقرر عقده الشهر المقبل في العراق، لكن عليها أن تتخذ خطوات مفيدة لا تقتصر على توجيه التهم، والمعلومات الاستخباراتية التي سمعناها في وسائل الإعلام تقول إن القيادة الإيرانية عقلانية وإن برنامجها النووي لا يدعو إلى القلق وإن هذه المعلومات أدخلت البهجة الى صدور القيادة الإيرانية لكنها اثارت قلق الدول الأخرى».
وطرح الخبير بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية محمود فندي مداخلة، قال فيها: «على رغم ما قلته عن التزام الولايات المتحدة بالأمن الغقليمي، فأصدقاؤكم في الأقليم يشعرون بأنهم يهمشون في المسائل الأمنية في المنطقة وهم على حق حينما يقولون إنهم همشوا بشأن ما يجري في العراق، وهم لا يقبلون أبدا سيطرة اقليمية ايرانية، ويشعرون احيانا بأن جهودهم تقوض وأنهم لا يشعرون بدعم الولايات المتحدة الاميركية، فماذا تقولون لشركائكم في المنطقة؟».
وكانت إجابة غيتس تشير الى أن اميركا لا تقبل بسيطرة ايران على المنطقة وتريد أن تصبح ايران من الأطراف المساعدة إن جاز القول، مضيفا أنني منذ 25 سنة ابحث عن قادة معتدلين في ايران لكن لم اجدهم بعد، وبالنسبة إلى تهميش بعض الدول في المنطقة - واتحدث بصورة شخصية - حاولت اجراء حوار منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي (2006)، وزرت المنطقة في يناير/ كانون الثاني الماضي (2007)، ونحن نقدر شركاءنا ويمكن أن نتعلم منهم الكثير واعتقد ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وانا شخصيا نؤمن بأهمية الاستماع الى أصدقائنا في المنطقة».
الضغط الدولي على إيران
وفي شأن ضعف التوافق في الضغط على إيران، نوه الى أن هناك إدراكا بأن «إيران تشكل تهديدا أمنيا على اميركا والمنطقة، وكانت لي مباحثات مع السلطات الصينية بشأن مصادرهم للطاقة واعتمادهم على النفط والغاز وأن هذه المصالح مهددة اذا استمرت ايران في برنامجها النووي، وأن حماية المصالح الصينية يجب أن تسير في اتجاه حث ايران على التوقف عن برنامجها النووي ونحن نحاول الحصول على قرار لمواصلة الضغط على طهران، في الوقت الذي نلحظ فيه استمرار الضغط على ايران في المنطقة وفي اوروبا، وعلى ايران أن تغير سياستها مع جيرانها قبل أن ندخل في حوار معها».
ووجه رجل الأعمال خالد الزياني سؤاله لغيتس: «هل لكم أن توافقوا على أن تتعامل دول الخليج اقتصاديا مع ايران... فبهذه الطريقة، فهي ستشركها في ثروة هذه المنطقة لكي تكون لها مصالح مالية في المنطقة؟»، فعلق غيتس أن ذلك يشبه استخدام سياسة الجزرة عوضا عن العصا، لكن هناك شركات كثيرة تتعاون مع ايران وهنالك دول تتعاون مع ايران وهناك علاقات اقتصادية متينة ولا أجد أي دليل على أن ذلك ساعد ايران على تبني سياسة الاعتدال، فإن كان لإيران سياسة جديدة للتعامل مع المجتمع الدولي، حينئذ يمكننا تقديم حوافز يمكنها ان تلعب دورا ولا أرى ان النشاط الذي دار حتى الآن اتى بنتائج ايجابية.
وبالنسبة إلى فقدان ثقة الشعوب العربية في السياسة الأميركية، قال غيتس: «أعمل مع المنطقة بشكل أو بآخر منذ اكثر من 40 سنة ولا يمكن ان احسب عدد المرات التي ساعدت اميركا اصدقاءها في المنطقة، واكبر مثال هو تحرير الكويت من الغزو العراقي ونحن ساهمنا في اتفاقيات السلام ووقف اطلاق النار، واثرنا بشكل ايجابي لإحداث تغيير في المنطقة ولا أقبل أن يكون لنا تأثير سلبي، وهناك سياسات لا يوافق عليها البعض - واتحدث باسمي الشخصي - واعتقد أنه من خلال العمل والتعاون مع شركائنا في المنطقة يمكن أن نحقق النجاح ومن الأهمية بمكان في تعاملنا بالمنطقة أن نترك كل الخيارات مطروحة وإن الدور الحالي لاقناع ايران بتغيير مواقفها هو الأساس».
وعلى صعيد التوافق الأميركي داخليا، أوضح أنه يسعى إلى التوصل الى توافق في الآراء بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن ما سيتخذ من إجراءات في العراق، مضيفا أنه «في نقاشاتي في واشنطن، ونحن نريد أن نقلل من عدد الجهود لكن علينا ألا نخطئ في الخطوات القادمة وإلا ستكون التأثيرات وخيمة، فهناك اتفاق لابقاء عدد من الجنود للمساعدة في تأمين الحدود ولتجهيز وتدريب القوات العسكرية العراقية وللعمل على تحقيق الاستقرار في البلد».
الشراكة بين البحرين وأميركا
وبالعودة الى كلمة غيتس في جلسة الأمس، فقد اشار الى أن الشراكة بين البحرين واميركا أحد عناصر الالتزام الأميركي الشامل تجاه تحقيق أمن واستقرار الخليج وهو التزام يعود الى عدة عقود مضت وإدارات أميركية متوالية.
واستعرض القضايا ذات الأهمية البالغة للشعب الأميركي وللشعوب في الشرق الأوسط وهي القضايا التي تصوغ بيئة الأمن في المنطقة الآن وعلى مدى المستقبل القريب وهي تشمل الوضع في العراق اليوم سواء العقبات أو الفرص، وتأثيرات رفض ايران المتواصل للاستجابة لالتزاماتها الدولية وتأثيرات أفعالها واقوالها المهددة للاستقرار وجهود الولايات المتحدة الأميركية في تقوية علاقاتها الأمنية في المنطقة بهدف تعزيز الشراكات بين دول الخليج.
واستدرك قائلا :«من المفيد أن نعود للمرة الأخيرة التي عقد فيها حوار المنامة قبل سنة من الآن حيث كان الوضع الأمني متدهورا والعنف الطائفي متصاعدا في العراق».
وتطرق الى تناقص الهجمات على قوات التحالف والقوات العراقية، وهبط معدل القتلى المدنيين في جميع أنحاء العراق بنسبة 60 في المئة وبنسبة 75 في المئة في بغداد، وأرجع ذلك الى تغيير التكتيك العسكري ليركز على حماية الشعب العراقي من المتمردين والميليشيات والإرهابيين الأجانب، وفاعلية الجيش العراقي المتزايدة في العمليات المرادفة مع القوات الأميركية وفي العمليات التي يقومون بها لوحدهم، وقرار بعض وليس كل الميليشيات أن تنسحب من العمليات المعادية والنمو التلقائي لفكرة النهوض ضد «القاعدة» في العراق من قبل المواطنين العاديين الذين يريدون حماية عائلاتهم وأحيائهم السكنية.
وفي شأن الدور الأميركي في أمن المنطقة، قال غيتس إن الشهر الماضي شهد الجولة الثالثة من محادثات حوار أمن الخليج، وهي إطار استراتيجي يهدف الى تعزيز وتقوية الأمن الذي يشمل تعزيز أمن العراق، وحوار أمن الخليج ساعد على مكافحة التهديدات الإرهابية التقليدية وغير التقليدية من خلال التركيز على التعاون الدفاعي ووضع جدول أعمال وتقييم مشترك للعراق والاستقرار الأميركي وخصوصا فيما يتعلق بإيران وتأمين البنية الاساسية لمصادر الطاقة ومكافحة انتشار الأسلحة ومكافحة الإرهاب.
واختتم خطابه بالقول إنه بعد المسح الشامل لمسار الشرق الأوسط، فإن اكبر التحديات التي نواجهها في نهاية المطاف هي التي تقرر الخيارات التي نتخذها ممثلة بين الانقسامات والضغينة من الماضي، والقوة والاستقرار التي تأتي من المصالحة والتعاون، وبين الحروب بالوكالة التي يقع ضحيتها الأبرياء.
العطية: تصريحات غيتس بشأن «إسرائيل» متحيزة ومحل ازدراء
علق الامين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية على تصريحات وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس بعدم اعتبار»اسرائيل» خطرا على امن المنطقة لحيازتها الاسلحة النووية، بأنها تمثل «سياسات متحيزة لا تعبر الا على اسلوب التمسك بالمعايير المزدوجة»، وأنها «تعامل مزدري» في اهم القضايا بالمنطقة.
واشار العطية في المؤتمر الصحافي أمس الى ان منطقة الخليج شهدت الكثير من الازمات لذلك فإن المشهد الخليجي له عدة مرتكزات على اعتبار انها تمثل منطقة حيوية ذات بعد دولي ولذلك فإن استباب الامن والاستقرار يمثل مصلحة دولية وليس اقليمية خليجية فحسب.
وعن وجهة نظره في مشاركة ايران لقمة الدوحة اجاب العطية «عندما انشئ مجلس التعاون الخليجي اعتبرت ايران ان المجلس حليف للغرب وحضور الرئيس الايراني محمود نجاد اكد على اعتراف ايراني بحقيقة المجلس».
واضاف «نحن نرى ان قضية دفع السلم في منطقة الخليج العربي تستدعي بناء الثقة مع دول الجوار من دون الاخلال بالامن الاقليمي وهو ما عبر عنه في قمة الدوحة عبر ابداء الرغبة وحسن النوايا اتجاه التاكيد على الموقف الثابت لحل الخلاف القائم بين الامارات وايران نتيجة احتلال الجزر الامارتية سواء بالمفاوضات السلمية او التحكيم الدولي».
واوضح العطية «هذا يدل على ان دول الخليج حريصة على التعاون مع ايران بحل خلاف موضوع الجزر الذي هو اساس بناء العلاقات، فحل المشكلات السياسية يندرج في هذا الاطار الذي يجب ان يتقدم على حزمة من المقترحات المعنية سواء بالتعاون الامني او الاقتصادي».
أدميرال طاهر: لا يمكن للإسلاميين السيطرة على النووي الباكستاني
استبعد قائد البحرية الباكستانية الأدميرال محمد أفضل طاهر إمكانية سيطرة إسلاميين متطرفين على المفاعل النووي الباكستاني، مشيرا إلى أن المفاعل النووي الباكستاني يخضع للرقابة والسيطرة الفعالة ويمتلك نظم رقابية متطورة تعزز من حمايته.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في المركز الإعلامي، موضحا أن الانتخابات الباكستانية ستعقد بموعدها على أمل مشاركة كل الأطراف والأحزاب السياسية في العملية الانتخابية من أجل تمثيل ديمقراطي فعال.
وفي سؤال عن امتناع إيران المشاركة في «حوار المنامة» لهذا العام ومدى تأثيره على الموقف الإيراني ولاسيما بشأن ملفها النووي رفض القائد التعليق، معتبرا أن ذلك قرار إيراني له أسبابه الخاصة.
وأضاف «لا أستطيع التعليق على عدم حضور إيران للقمة, ربما هذا قرار خاص اتخذ من قبل جانبهم وربما له أسبابه».
وعن الأوضاع في العراق وتأثيراتها على باكستان نفى الأدميرال طاهر أن تكون هناك أية تأثيرات مباشرة للأوضاع العراقية على باكستان من دون أن ينفى مدى تأثير الملف العراقي من خلال تفاعل الناس وتكوين وجهات النظر المختلفة بشأنه بين الباكستانيين.
العدد 1920 - السبت 08 ديسمبر 2007م الموافق 28 ذي القعدة 1428هـ