العدد 1920 - السبت 08 ديسمبر 2007م الموافق 28 ذي القعدة 1428هـ

ما وراء حكم الطوارئ الذي يفرضه مشرف

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تبدو الكثير من وسائل الإعلام الغربي وصانعي السياسة منشغلين بخطر وقوع الأسلحة النووية الباكستانية بأيدي المتطرفين في الانتخابات المقبلة. لذا فإن اهتمامها الحالي ليس استقلال القضاء أو إرساء قواعد الديمقراطية وإنما الاستقرار الباكستاني الداخلي على المدى المتوسط، وحماية المصالح الغربية . وهذا خطأ كبير، فمن خلال التركيز بشكل كامل على «التهديد الإرهابي» فإن هؤلاء الأفراد يقومون بدعم فرض الحكومة لحكم الطوارئ. وهذا التركيز ساعد على انقسام الرأي العالمي حول إعلان الرئيس مشرف للطوارئ، فرغم أن معظم المعلقين يتشاركون في الإدانة الواسعة لفرض الطوارئ إلا أن الرأي العام منقسم حول الخطوات غير الديمقراطية التي اتخذها النظام .

وقد استغل مشرف هذه المخاوف الغربية إلى أقصى الحدود عندما شجب القضاء ووصفه بحليف الإرهابيين. إلا أن هذا الحوار انقلب رأسا على عقب عندما قام القضاة نفسهم الذين أمروا بإطلاق سراح بعض من ادعي أنهم إرهابيون من المسجد الأحمر بحلف اليمين الدستوري.

هناك العديد من المؤشرات إلى أن القلق الغربي حول الإرهاب لا أساس له. حتى هذا التاريخ لم يواجه الجيش أي صراع داخلي له أهمية من المجموعات الباكستانية الإرهابية. فمحليا، لا يتمتع هؤلاء الأفراد إلا بحماية اجتماعية محدودة بل ويشار إليهم بالإرهابيين وليس بالمجاهدين من أجل الحرية. لذا فإن وجود المسلحين ممن يدعون حماية القانون في الباكستان، بغض النظر عمن يقود الدولة، هو أمر مستبعد على المدى البعيد نظرا لعدم شرعيتهم في عيون الشعب.

الأمر نفسه ينطبق على القاعدة، التي هي تنظيم أجنبي يفتقر إلى أي دعم محلي ذي قيمة. الخوف من قيام مجموعات كهذه بالسيطرة على الترسانة الباكستانية النووية يبدو مبالغا فيه. ولا يقصد بهذا تسفيه الخوف الحقيقي من تزايد التطرف، إلا أن التركيزا على هذه القضية يبسّط الوضع ويتجاهل التنوع الحقيقي في سياسة الباكستان. كما أن الإعلام الغربي مخطئ فيما يتعلق بالنجاح الانتخابي المحتمل للمجموعات الإسلامية المعادية لأميركا. حتى الآن لم تحصل سوى جماعة علماء الإسلام والجماعة الإسلامية على بعض النجاح السياسي، ولا يمكن بأي حال وصفهما بالتهديد للاستقرار الباكستاني أو الأمن الغربي. وقد استفادت الجماعتان مؤخرا من المشاعر المعادية للغرب والأميركيين واستثمرتهما، لكنهما لا تملكان أية مخططات لاستخدام القوة ضد الغرب. فقد حصلت المجموعتان معا على 12 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. كما أن أداءهما كان أسوأ في الانتخابات المحلية. وهما الآن متناحرتان ومن المستبعد أن تتحدا في جبهة ضد أعدائهما السياسيين. ومع عودة رئيسي الوزراء السابقين بي نظير بوتو ونواز شريف، أصبحت الأحزاب الدينية في وضع تناحر مع المؤسسة الحاكمة، الأمر الذي سيخفف بشكل إضافي من تركيز الانتخابات. أمام هذه الخلفية السياسية من المستبعد أن تجد الأحزاب الإسلامية دعما حقيقيا في العملية الانتخابية في المستقبل المنظور.

يقوم مشرف منذ فترة بالترويج للخطر الإرهابي المتنامي لكسب دعم الغرب. ورغم أن الغرب لا يستطيع تحمّل التخفيف من التهديدات المحتملة إلا أن دعم دكتاتورية عسكرية لا يشكل حلا. الجواب بدلا من ذلك يقبع في تقوية المؤسسات المختلفة الضرورية لتأسيس ديمقراطية حقيقية، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى الأمن والاستقرار.

خلال الأيام القليلة الماضية تخلى مشرف عن منصبه كقائد للجيش ليصبح رئيسا مدنيا وصرح بأنه سوف يلغي الطوارئ في ديسمبر. تلك خطوة إلى الأمام، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد.

هذا الطرح الدرامي حول الإرهاب، الآتي من طرف قادتنا والإعلام الغربي على حد سواء، يتجنب التحديات الحقيقية التي تواجه الديمقراطية في الباكستان: كيف نعيد حكم الدستور ونعيد القضاة المبعدين إلى مناصبهم ونرفع الحظر عن الإعلام ونطلق سراح العاملين في مجالي السياسة وحقوق الإنسان. وبالدرجة الأولى كيف نضمن انتخابات حرة ونزيهة؟ أي تركيز مبالغ به يقتصر على خطر الإرهاب سوف يؤدي في النهاية فقط إلى تقوية الدكتاتورية وإطالة عمرها.

*باحث باكستاني، ينشر المقال بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1920 - السبت 08 ديسمبر 2007م الموافق 28 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً