مجموعة متميزة من الأناشيد الإيقاعية للمسلسلات الكارتونية والتي تعود من 10 أعوام إلى 15 عاما، عادت لتملأ ذاكرة الهواتف المحمولة وخصوصا لدى فئة الشباب، الذين عرضت هذه المسلسلات في فترة طفولتهم، وباتت نغماتهم التي ترسم ابتسامة مميزة عندما يتلقى الفرد مكالمة كأنها أكثر من مجرد حنين للطفولة.
يذكر أن هذه الأناشيد تحمل بين ألحانها جملة من الرسائل الإنسانية التي تعبر عن الصداقة والمحبة والتعاون وغيرها من الصفات المحببة، وهي من خلال ذلك نشرت مفاهيمَ تلقاها الأطفال وترجمت لديهم في أنماط سلوكية واضحة لتشكل جزءا كبيرا من ثقافتهم.
أذكر أننا بالأمس حين كنا صغارا كنا نتقمص شخصيات أبطال المسلسلات الكارتونية أثناء اللعب، كأننا نجسد المسلسل في واقعنا، ويسعى كل منا للحصول على الشخصية المثالية المحورية التي يدور حولها المسلسل؛ وذلك يعود للصورة الراقية التي رسمت في أذهاننا لهذه الشخصية من خلال المتابعة.
اليوم وبطبيعة الحال انعكاسا لما يتابعه الأطفال، القوة هي الرسالة الأولى التي يعبر عنها جمهور المسلسلات الكارتونية الحديثة، والتي تترجم في صورة عنف يعيشه الأطفال أثناء تعاملهم معا ولا يتردد أي منهم في أن يعامل من هو أكبر منه سنا بالأسلوب عينه إن حاول ملاعبته أو مجاراته، إضافة إلى تجميل فكرة العلاقة بين الجنسين وحصر مفهوم الحب في هذا النوع من العلاقات على رغم أنه أعمق وأكثر رقيا مما يتم عرضه؛ ما يفرض نفسه على ثقافتنا ومجتمعنا من خلال تطبيقه بشكل صريح.
هذه الرسائل الثقافية المبسطة التي تتحول إلى سلوك لها أبعادها ونتائجها على الطفل في المقام الأول وأسرته في البيت، وعلى مجتمعه المتغير في رياض الأطفال ثم المدرسة فالجامعة؛ ما يجعل تدخل أولياء الأمور في غربلة هذه الرسائل وانتقائها ضرورة لا تقل شأنا عن التعليم والرعاية الصحية.
كما أن قضاء بضع دقائق في مناقشة المسلسل الكارتوني مع الطفل يعتبر مقياسا مبدئيا لنمط ثقافته ومدى تأثره بما يشاهد.
ضيق الوقت هو مشكلة يعاني منها الجميع تحمل معها جملة من المشكلات، إلا أن ساعة مع أطفالنا هي على قدر من الأهمية، وكفيلة بأن تحمي هذا الطفل من غزو ثقافي واضح القصد والأثر.
سارة نجيب
العدد 1919 - الجمعة 07 ديسمبر 2007م الموافق 27 ذي القعدة 1428هـ