العدد 1918 - الخميس 06 ديسمبر 2007م الموافق 26 ذي القعدة 1428هـ

درس الحَجَر

في الحجر درس أول للتعامل مع الأشياء وفطرتها. بدءا من قدْح النار، وليس انتهاء بإعطاب دبابة، وشل حركة جندي مدجج بكل تكنولوجيا القهر والإبادة.

في الحجر إعادة لدرس الفطرة المنسي والمغيّب. درس تعلّم الأشياء الأولى، بالأدوات الأولى.

@@@

ليست دعوة إلى إعادة الاعتبار إلى الحجر. فللحجر اعتباره الذي يتجاوز هذه الدعوة ومثيلاتها. اعتباره في الأصل:التراب. اعتباره في التشكل وتنوعه، ومدعاته الأكثر تنوعا في الحضور ومسبباته، وأحيانا قهره المفتوح على الغصْب وما يبدو انه قلة حيلة. بل هي دعوة إلى عدم ركن الأوليات التي وعى الإنسان عليها، واكتملت بها أسباب رفاهه، وأحيانا شقائه. عدم ركنها وتغييبها، وأحيانا الحط من شأنها وقدرتها على تراكم الفعل ومعجزاته.

@@@

للحجر معجزة تقارب ما يبدو أنه معجزة اليأس في توازن المواجهة وأدواتها. معجزة تستطيع بقليل من الفرح والأفق وتأجيل اليأس إلى حين، أن تبرهن قدرتها على إعاقة صوغ المعادلات على الأرض.

@@@

أفهم الإرادة كمحرّض ليس بالضرورة أن يقرأ موازين القوى على الأرض بذهنية عسكرية، اذ تستطيع أن توجد موازينها الخاصة بذهنية متزنة في أملها. ولهذا أفهم في الوقت نفسه: لماذا ينتصر الحجر على دبابة ثملة بحصانة الحديد؟.

كل إرادة، توجهٌ نحو مشروع صاعق للواقع. وعليّ هنا أن أكون أكثر تحديدا بالقول: إرادة لا تمتثل للبطش بقدر ما تتوجه بكليتها نحو تمثل التمويه والقفز على التهويل الناتج عن صفاقة البطش من جهة، وسكرة التمترس وراء آلة تصر على صوغ مفاهيمها الخاصة بالحياة والحرية والعدل، هي في الصميم من إعادة ترتيب الحياة وكل ما يرتبط بها.

بهذا كله أفهم الإرادة استواء واستعدادا نفسيا لقلب الطاولة على المعادلات التي تخضع لمعايير وشروط الواقع، فيما هي تخلق واقعها وبمعايير وشروط لا تكف عن ضخ مزيد من هواء الحرية، مؤكدة... مصرّة... واثقة من وجوب حضورها لتخليص الحياة من سلطة شروط ومعايير الواقع. الواقع الذي كثيرا ما يولد ويشيب ويهرم وهو متشبث ومنحاز لبلادَة مهلكة. فيما أفهم أيضا أن الإرادة طريقة وأسلوب حياة خارجة... متمردة على المزاجي والآني والمؤقت، فيما البطش ضالع في الصميم من ذلك.

العدد 1918 - الخميس 06 ديسمبر 2007م الموافق 26 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً