العدد 1915 - الإثنين 03 ديسمبر 2007م الموافق 23 ذي القعدة 1428هـ

«أوبرا»... النسخة البحرينية

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

كثيرون باتوا حريصين على متابعة البرنامجين الحواريين «أوبرا» و «د. فيل» المترجمين إلى اللغة العربية وتعرضهما بعض القنوات العربية أيضا. كثيرون باتوا يستشهدون بآراء أوبرا وفيل في الكثير من الأمور الحياتية التي تواجههم والمشكلات التي تعترض طريقهم. البرنامجان يستحقان المتابعة فعلا، وخصوصا أننا (في بلداننا العربية عموما) نفتقد لبرامج تدخل في صميم حياتنا اليومية بمختلف أوجهها، لتنبش وتكشف عن الصالح فيها والطالح، الصحيح والخاطئ، عوضا عن أننا شعوب «مكتومة الصوت» أصلا، سواء على مستوى مشاعرنا وعواطفنا، الإيجابية منها والسلبية، أو على صعيد قضايانا التي سطرت تحتها عنوة «خطوط حمراء» تجنبك الاقتراب منها. أوبرا وينفري لمن لا يعرفها تاسع أكثر نساء العالم نفوذا على صعيد وسائل الإعلام والسلطة الاقتصادية بحسب تصنيف مجلة «فوربس» للعام 2005، كما احتلت المركز الثاني بحسب المجلة نفسها في قائمة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم... باختصار هي «مليارديرة» على رغم أنها تنحدر من أسرة فقيرة، وعاشت حياة تعيسة في صغرها، وخصوصا إذا علمنا أنها تعرضت لـ «تحرش جنسي» من قبل أحد أقاربها، جعلها تفر من منزل والديها وهي في 14 من عمرها، وبفضل جهدها وتدريجيا وصلت إلى ما وصلت إليه الآن. الدافع من وراء تعرضنا لحياة أوبرا بالمختزل المفيد، هو تسليط الضوء على الإرادة القوية التي تدفع بالإنسان إلى تخطي مشكلاته، بل ومساعدة الآخرين على تخطي مشكلاتهم والعقبات التي تقف في طريق حياتهم ونجاحهم. والدافع الآخر، وهو الأهم، سؤال قد يخطر في بال كل من يشاهد أوبرا وكأنه يشاهد «مارد المسباح السحري» الذي يحقق جميع أحلام من يحتكم عليه: هل من الممكن أن أصبح (أنا البحريني) يوما مثل أوبرا فأحل مشكلات شعبي/ أرضي، وهل سأرقد ولو على جزء بسيط من ثروتها لأحقق حلمي وحلم الفقراء من بني قومي؟!

المتتبع لبرنامج «أوبرا»، وكذلك «د. فيل» لن يجد فيهما التملق والابتذال اللذين يعتريان غالبية برامجنا / حياتنا، أي أنهما حققا الربح ووصلا إلى هدفهما المنشود لجرأة وتحد وطرح موضوعات واقعية تمس شريحة كبيرة من المجتمع، عوضا عن قدرة على الحوار جذبت شخصيات كبرى، وفرضت على قمة دولهما تغيير بعض القوانين لصالح شعب بلديهما... فيما بقي «قمة الهرم» (الجهاز الحكومي) لدينا، والمعول عليه زحزحة كثير من الملفات، عاجزا حتى عن إيصال صوت مواطن مهدد بالفناء للقمة استعصى عليه توفيرها، أو لعيشه في بيت سقفه متداعٍ، أو لاختناقه في غرفة ضيقة مع خلفه، أو... أو... أو من «منغصات» العيش التي لا حصر لها.

لا تعلم ما إذا كانت أوبرا فقيرة أم غنية. اجتماعية أم سياسية أم اقتصادية أو هي عالمة نفسية أو محققة جنائية وضابط مخابرات، إذ إنك تحسها في كل شيء... والأدهى، أنه بكلمة واحدة (من لسان مقدمة برامج لا أكثر) تنقلب كل الموازين، وتتحقق كل الأحلام المستحيلة... فيما استحال على «صوت الشعب البحريني» ولسان حاله (وهو منصب ذو مقام عالٍ في الدولة تصرف عليه الملايين من موازنتها) تحقيق ربع ما حققته أوبرا وينفري، التي لا يخالجنا الشك في أن من يشاهدها يتمنى أن تحظى بالجنسية البحرينية لتحقق ما يبدو أنه «معجزة» على أرض الوطن.

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1915 - الإثنين 03 ديسمبر 2007م الموافق 23 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً