أعادني أحد الأصدقاء إلى الوراء قليلا، إذ كنا على مقاعد الدراسة الابتدائية، وكيف كنا نتفنن في ابتكار الألقاب على بعضنا بعضا، بل وحتى على مدرسينا الأفاضل، وسألني إن كان الطلاب باقين على هذا العهد، فأجبته من دون تردد أن العبارة التي تقول «إن الطالب هو محور العملية التعليمية التعلمية» لم تأت من فراغ، فالطالب هو الشخص المستهدف بهذه العملية، ولذلك فلا عجب أن يكون هو معيار نجاحها أو فشلها أو فشل حتى القائمين عليها باختلاف المراكز التي يحتلونها، وأسهل الطرق التي يعبر بها الطالب عن تقييمه الأولي للمعلم تكون عن طريق تمييزه بلقب يلتصق به في الحل والترحال.
الفرق بين الألقاب التي يطلقها الطلبة على معلميهم يوم أمس، عن ألقاب اليوم، مردها المرجعية الثقافية التي هي من صنيع بيئة الطالب، وتلك أيضا تتأثر بالحال الديموغرافية التي تغيرت اليوم بفعل الهجرات الوافدة وتداعيات التجنيس، حتى تراجع حضور الأساتذة «عمبر، وبوعقوف، والآلوه، واللوبايه، واللوكا، وعش الحمامة، والتيلة» أمام بزوغ نجم الأساتذة «بينغ، وتيري، ودبيك، وكابلي، وشيريخان». وزارة التربية والتعليم ربما استشعرت أن القضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها قد يكون بإعادة تأهيل المعلم لإدارة الصف حتى يظهر بالشكل الذي يرضي الطالب (وما أصعب رضاه)، ومن هنا فإنها لم تهمل جانب التمهين والتدريب للمعلمين باختلاف جنسياتهم، وإن كانت هناك مآخذ على (الآلية التي ليست لها آلية) في طرق الترشح لحضور هذه الدورات وورش العمل، فمثلا هناك مستفيدون من برامج تدريب ذات مستويات عالية ولكنها لا تخدم العملية التعليمية التعلمية بحكم الفجوة الكبيرة بين الجانب النظري والجانب التطبيقي فيها، كما أن هناك مستفيدين من برامج تطويرية متخصصة وذات كلف مادية باهظة وهم في واقع الحال على مشارف التقاعد، بما يشكل هدرا وإسرافا غير مبرر في المال العام.
بعض المعلمين الجدد يدخلون المدارس بأفكار خاطئة تعتمد في أساسها على أن تطوير الذات قد يتحقق بكثرة مراجعة الوزارة في كل صغيرة وكبيرة، الأمر الذي حدا ببعض الإدارات في الوزارة إلى البحث عن وسيلة أكثر فعالية في تطوير هؤلاء، بحيث تزج بهم في عدد من الأنشطة والفعاليات التي قد لا تكون لهم رغبة فيها، وذلك بهدف إبعادهم عن إزعاج المسئولين بكثرة المراجعات والتأسيس لتسليمهم الملفات التي لا يملكون حتى طريقة تصفحها، وهنا تضيع «العنزة» عدة مرات في الدهليز نفسه. على فكرة، هناك أنباء مؤكدة أن «ويه اللوكا» تمكن من دخول شباك الوزارة المفتوح للقاصي قبل الداني، كما أن «بو راس التيله» دخل دورة تدريب مكلفة لا يحتاج إليها وسينهيها بالتزامن مع تقاعده، بما يضمن زيادة راتبه التقاعدي، ويا جماعة «ترى جحا أولى بلحم ثوره».
إقرأ أيضا لـ "ميثم العرادي"العدد 1915 - الإثنين 03 ديسمبر 2007م الموافق 23 ذي القعدة 1428هـ