العدد 1915 - الإثنين 03 ديسمبر 2007م الموافق 23 ذي القعدة 1428هـ

القرارات الاقتصادية لقمة الدوحة

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يتوقع أن يحمل البيان الختامي لأعمال الدورة الثامنة والعشرين لدول مجلس التعاون والمنعقدة في العاصمة القطرية (الدوحة) تدشين مشروع السوق الخليجية المشتركة، كما من المتوقع أن يتم إعلان تحقيق تقدم نوعي في مشروع الاتحاد الجمركي.

الحرية لوسائل الإنتاج

يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج حرية الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء، وكانت القمة السابعة والعشرون التي عقدت في العاصمة السعودية (الرياض) في نهاية العام 2006 قد أشادت بنجاح لجنة التعاون المالي والاقتصادي بإضافة أنشطة جديدة يسمح بموجبها لجميع رعايا دول المجلس ممارستها داخل الدول الأعضاء، وهذه الأنشطة عبارة عن خدمات التأمين والتخليص لدى الدوائر الحكومية والنقل.

تضاف الأنشطة الجديدة إلى خطوات أخرى تم اتخاذها في العام 2005 مثل السماح بفتح مكاتب التوظيف الأهلية وتأجير السيارات ومعظم الأنشطة الثقافية. وشدد البيان الختامي لقمة الرياض في العام 2006 على سرعة استكمال المتطلبات الأخرى للسوق المشتركة بنهاية العام 2007.

التجارة البينية

من شأن تطبيق هذا المشروع تعزيز وتيرة التبادل التجاري بين الدول الست، الأمر الذي يخدم تحقيق الهدف الأسمى ألا وهو التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء. حسب وزير المالية القطري يوسف كمال يزيد معدل التجارة البينية بين دول التعاون عن 20 في المئة من تجارتها مع العالم. يشار إلى أن التجارة البينية ضعيفة بين الدول العربية إذ لا تتجاوز 10 في المئة من تجارتها بالخارج. ويعتقد على نطاق واسع بأن الغالبية العظمى من التجارة البينية العربية والمتدنية أصلا إنما تقع بين دول مجلس التعاون الخليجي.

المواطنة الخليجية

من شأن تطبيق السوق المشتركة تعزيز فكرة المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة. بل سيكون بمقدور مواطني دول المجلس ممارسة العديد من الأنشطة في الدول الأخرى. وبات تنفيذ مبدأ السوق المشتركة ممكنا في أعقاب إعلان دولة تلو الأخرى تنفيذ جانب حيوي من مبادئ تحقيق السوق المشركة أي السماح لرعايا دول المجلس بممارسة حزمة من الأنشطة التجارية داخل الدول الأعضاء. وكانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت في وقت سابق من العام الجاري سماحها لرعايا دول المجلس بحرية شراء وبيع الأسهم. يشار إلى أن السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في المنظومة الخليجية (يزيد الناتج المحلي الإجمالي للسعودية عن 300 مليار دولار) وعليه يمثل الاقتصاد السعودي حجر الزاوية في مشروع السوق المشتركة.

بالمقابل, تتميز البحرين وإمارة دبي بالسماح بمنح رعايا دول المجلس ومنذ عدة سنوات حرية شراء العقار في أي منطقة ومن دون شروط. ويكمن الغرض الرئيسي لهذا الكرم في الحصول على ميزة تنافسية بين اقتصادات دول المجلس ما يعني جلب أموال وبالتالي تعزيز النشاط الاقتصادي الأمر الذي يخدم التنمية المحلية.

الاتحاد الجمركي

يشار إلى أن دول المجلس لم تنته حتى هذا التاريخ من التنفيذ الكامل لمشروع الاتحاد الجمركي والذي يسبق السوق المشتركة. يعود تاريخ دخول اتفاقية الاتحاد الجمركي إلى حيز التنفيذ للعام 2003. واستنادا إلى الخطة الأصلية كان المفروض أن تنهي دول الخليج الإجراءات المطلوبة لتحقيق الاتحاد الجمركي مع نهاية العام 2005. لكن قرر قادة دول المجلس في القمة السادسة والعشرين والتي عقدت في أبو ظبي في نهاية العام 2005 مضاعفة الفترة الانتقالية. يتمثل هذا المشروع في إتباع سياسة تجارية موحدة مع الدول غير الأعضاء بخصوص أمور مثل فرض تعرفة موحدة على الواردات.

وتتحدث بعض التقارير عن استمرار وجود تباين بين الدول الأعضاء بخصوص مستويات التعرفة أو الرسوم المفروضة على الواردات لغرض. ومرد ذلك خدمة المصلحة الاقتصادية لهذه الدولة أو تلك. وتكمن المشكلة في نقص الشفافية وعدم وجود الاستعداد الكامل من قبل بعض الدول للإفصاح عن بعض المعلومات الضرورية بحجة المحافظة على سريتها. كما أن هناك معوقات أخرى مثل كيفية اقتسام الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء. يرتبط الأمر بمسألة نقطة دخول المنتج والجهة المستفيدة منها في نهاية المطاف.

وفي تطور ايجابي، نسبت مصادر صحافية إلى جهات في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي تأكيد توافق الدول الأعضاء على التقرير الخاص بإزالة معوقات الاتحاد الجمركي. يشار إلى أن لجنة التعاون المالي والاقتصادي أنهت دراسة مختلف المعوقات وذلك بالتعاون مع الأمانة العامة للمجلس في الرياض.

الاتحاد النقدي

من جهة أخرى, لا يتوقع حدوث انفراج في موضوع الاتحاد النقدي والمزمع إطلاقه في العام 2010 لأسباب مختلفة منها قرار عمان بالانسحاب من المشروع برمته فضلا عن معضلة ربط عملات دول المجلس (باستثناء الكويت) بالدولار الأميركي. وكانت الكويت قد قررت في شهر مايو/ أيار الماضي فك عملتها بالدولار واستبدال ذلك بسلة من العملات تضم ولكن لا تقتصر على الدولار. وقد تم اتخاذ القرار بسبب عدم ظهور دلائل تحد من ظاهرة تراجع قيمة الدولار وتداعيات الأمر على التضخم على خلفية جلب واردات من سلع غير مسعرة بالدولار.

بدورنا نتوقع أن يؤكد القادة تقيدهم بمشروع الاتحاد النقدي ويقروا تشكيل لجنة مؤقتة للنظر في دراسة المسألة من كل جوانبها وخصوصا في ضوء المشكلات المرتبطة بالعملة الأميركية. ومن المتوقع أن يتم تأجيل اتخاذ أية قرارات صعبة بشأن مشروع الاتحاد النقدي إلى القمة المقبلة في مسقط. لا يتوقع أن يتخذ قادة دول المجلس قرارات كبيرة في هذا الوقت فيما يتعلق بهذا المشروع الطموح وخصوصا أننا على بعد عدة سنوات من تنفيذه.

نأمل أن يعلن البيان الختامي تحقيق تقدم اقتصادي على أكثر من صعيد حتى يكون بمقدورنا وصف اجتماع الدوحة بقمة «الإنجاز الاقتصادي» بين دول مجلس التعاون الخليجي. وتتزامن قمة الدوحة مع إعلان السلطات السعودية تطبيق تسهيلات جديدة إذ من شأن المواطن البحريني الانتقال إلى السعودية من دون جواز سفر. ما يهم في نهاية المطاف هو تلمس المواطن الخليجي لمفهوم المواطنة الخليجية.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1915 - الإثنين 03 ديسمبر 2007م الموافق 23 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً