في مطلع العام 2006 تضمن لقاء جلالة الملك مع رؤساء تحرير الصحف اليومية توجيها للجهات الحكومية بتخصيص «أرض لكل مواطن»، والسؤال الذي طُرح حينها، ومازال يُطرح: متى سيتم تنفيذ هذا التوجيه الملكي؟ وكيف سينفذ؟ ومن سينفذه؟

من دون شك، قد أصبح موضوع الإسكان على سلم الأولويات بالنسبة إلى البحرينيين، ولا يتذكر الناس متى كانت آخر مرة وزعت فيها أراضٍ أو وحدات سكنية، والقروض السكنية الحكومية لا تكفي لسد حاجة المواطن مع ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار البناء.

هناك حديث متكرر عن مخطط الأراضي، المخطط الهيكلي الاستراتيجي، الذي أعدته شركة سكيديمور الأميركية منذ فترة غير قصيرة، وتم إنشاء لجنة وزارية لدراسته، ويبدو أننا مازلنا ندور في حلقات مفرغة لا نعرف أولها من آخرها... فالمفترض أننا في عصر الشفافية والإنترنت، والمفترض أن كون مثل هذه المعلومات متوافرة على الإنترنت لكي يراها ويطلع عليها الجميع. وفي الفترة الأخيرة شكل مجلس النواب لجنة للتعرف إلى أملاك الدولة، وذلك لأنه لا يوجد من يعرف ماذا تبقى للدولة من أملاك (من بينها الأراضي) لكي تعطيها للناس.

الغريب أن الحكومة لم تحمِ الناس لحد الآن من صعود أسعار الأراضي، فحتى الدول الخليجية تمنع المضاربة في الأراضي بشكل يضر المواطنين، على رغم أن الدول الخليجية أغنى من البحرين، بينما يتمكن أي مستثمر خليجي أن يشتري الأراضي في البحرين ويتاجر بها في الخليج، وتصعد الأسعار إلى مستويات لا يستطيع دفعها المواطن العادي. نعم سنفهم لو أن الحكومة خصصت منطقة السيف وبعض المناطق الأخرى للاستثمار وسمحت لمثل هذه المضاربات التي لا تضر المواطن إذا كانت محصورة في مناطق محددة، أما وقد أصبحت مناطقنا الريفية في سوق المضاربة على مستوى الخليج كله، وتحولت مساحات شاسعة إلى مجمعات مغلقة، ولدينا جزر مغلقة، وقريبا ستكون لدينا عدة مدن مغلقة لا يسمح بدخولها إلا للأثرياء.

أما المصيبة الكبرى فهي سعي البعض لتأسيس مفهوم «المحافظة المغلقة»... وهذا يعني أن البحرين تتجه نحو انموذج البلد الإقطاعي، إذ يسيطر الإقطاعي على الأتباع ضمن مقاطعات مغلقة ومحجوبة ومحرمة، وهو يشبه الوضع الذي كان يسيطر على بلدان عدة في القرون الوسطى وما قبلها حيث لم يكن هناك مفهوم المواطن، أو المواطنة.

إن أقل ما يمكن قوله هو إننا نتجه إلى مستقبل غير واضح بشأن الإسكان وحلمنا أن تكون لكل مواطن أرض سيبقى حلما لا يعلم إلا الله متى سيتحقق.