قال النائب البرلماني عضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب جاسم حسين في مداخلة بندوة جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) عن مقترح الحكومة بزيادة رواتب الوزراء والنواب وتقاعدهم، التي أقيمت مساء الأربعاء الماضي في مقر الجمعية، إنه «لا يمكن إنكار وجود نوع من سوء النية من قبل الجهات المسئولة في ربط زيادة رواتب وتقاعد السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية، وربما كان الأمر بمثابة تكتيك أو جس نبض الشارع أو أمور أخرى، لكن لابد من التأكيد انه لم تتم إحالة الموضوعين بشكل رسمي إلى مجلس النواب».
وأكد أنه بمقدور الحكومة العمل على حل التحديات التي تواجه المواطنين في هذه الفترة بالذات بسبب احتياطي مالي مريح، إذ بحسب وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة يبلغ حجم الاحتياطي العام للبحرين 2200 مليون دولار (نحو 832 مليون دينار).
وفي بداية الورقة التي قدمها بعنوان «رواتب وتقاعد النواب»، قال حسين: «تتركز مداخلتي على الزيادة في مخصصات وتقاعد النواب (والشورى). كما أن الآراء المطروحة شخصية كوني عضوا في مجلس النواب».
وفيما يتعلق بزيادة المخصصات، أشار النائب إلى أن المزايا الحالية (شهريا) تتكون من مكافأة أساسية قدرها 2000 دينار، ومكافأة المكتب 750 دينارا، ومكافأة السيارة 500 دينار، بمجموع 3250 دينارا، أما مزايا المقترح الحكومي فتكون فيها المكافأة الأساسية 2000 دينار ومكافأة المكتب 750 دينارا ومكافأة السيارة 750 دينارا ومكافأة التمثيل 500 دينار، ومكافأة هاتف 250 دينارا، بمجموع 4250 دينارا، كما يحصل الرئيس ونوابه على مزايا أكثر، ويحصل أعضاء مجلس الشورى على المزايا نفسها.
وبخصوص تقاعد النواب، لفت حسين في مداخلته إلى أن المقترح الحكومي «يتمثل في إنشاء صندوق خاص ينظم معاشات ومكافآت التقاعد في حالات الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل ويعهد بإدارته إلى الهيئة العامة لصندوق التقاعد، وتتكون موارد الصندوق من استقطاع 10 في المئة من المكافأة الشهرية للأعضاء إضافة إلى اشتراكات التقاعد الشهرية التي تؤديها الخزانة العامة بنسبة 20 في المئة من المكافأة الشهرية. كما تدفع الخزانة العامة إصابات العمل بنسبة 3 في المئة من المكافأة الشهرية، تضاف إلى ذلك أمور مثل العائد على استثمارات الصندوق وموارد أخرى غير محددة تخصصها الحكومة».
وأردف حسين «يحصل العضو الذي يقضي فصلا تشريعيا كاملا معاشا تقاعديا بواقع 40 في المئة من المكافأة الشهرية يحتسب على افتراض مدة خدمة اعتبارية قدرها 20 سنة، تضاف إلى ذلك نسبة 10 في المئة من المكافأة الشهرية عن كل سنة من السنوات التي يقضيها العضو بعد ذلك في المجلس محسوبة على أساس خدمة اعتبارية مقدارها خمس سنوات (بالإضافة إلى المعاش المستحق له عن الخدمة في غير عضوية المجلس) وبشرط ألا يتجاوز المعاش أو مجموع المعاشين 80 في المئة من الراتب الذي تم تبينه للمعاش التقاعدي».
وجهوا الكرم الحكومي إلى المواطنين
وذكر فيما يتعلق بزيادة المخصصات «لمست عدم قبول من جانب النواب عموما فيما يخص مسألة زيادة المخصصات وخصوصا في ظل عدم وجود كرم حكومي تجاه المواطنين العاملين في القطاع العام فضلا عن أولئك العاملين في القطاع الخاص إضافة إلى المتقاعدين من القطاعين».
أما فيما يخص موضوع التقاعد، فبيّن أن «هناك تفهما من قبل الكثير من النواب بأهمية مسألة التقاعد نظرا إلى صعوبة عودة النواب إلى وظائفهم السابقة بعد انتهاء الخدمة، ويقال إنهم أفراد غير مرغوب بهم وخصوصا في الدوائر الرسمية، والرأي السائد هو قيام النواب بأنفسهم بدراسة المسألة برمتها آخذين في الاعتبار العرف السائد في الديمقراطيات الأخرى والأوضاع المحلية، وطبعا يمكن الحديث عن الموضوع بعد إيجاد حلول للتحديات المعيشية للمواطنين».
وعن أهداف الحكومة التي تطمح لتحقيقها من هذه الزيادة، قال: «حقيقة، لا يمكن إنكار وجود نوع من سوء النية من قبل الجهات المسئولة في ربط زيادة رواتب وتقاعد السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية، وربما كان الأمر بمثابة تكتيك أو جس نبض الشارع أو أمور أخرى، لكن لابد من التأكيد أنه لم تتم إحالة الموضوعين بشكل رسمي إلى مجلس النواب».
الأجدر دعم رواتب القطاع الخاص
وفي سياق متصل، أوضح النائب أن «عملية صنع القرار في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية تتضمن عدة مراحل، ومنها الأخذ بآراء اللجان ذات العلاقة فضلا عن المستشارين. وقد قررت الجمعية من حيث المبدأ عدم النظر في مشروعات بقانون المقدمة من قبل الحكومة والمتعلقة بزيادة رواتب النواب والوزراء وتقاعدهم وذلك بالنظر إلى الظروف المادية الصعبة الناتجة عن تدني الرواتب والتضخم الكبير في الأسعار والبطالة المنتشرة بين قطاعات واسعة من أبناء الشعب. ورأت الجمعية أن الأجدر بالنقاش والتداول والإقرار أمور مثل مقترح قانون دعم رواتب العاملين في القطاع الخاص ومقترح قانون دعم الأسرة العاملة والمقترح برغبة بزيادة مخصصات المتقاعدين. كما دعت الوفاق إلى تنفيذ مبادرة حكومية بزيادة أجور جميع المواطنين أسوة بمبادرات جرت في دول الجوار تتناسب وحجم التضخم الكبير الحاصل في كل الأسعار. وأوضحت الجمعية أن أعضاء الكتلة سيرفضون زيادة المكافآت وتقاعد النواب والوزراء في الوقت الحاضر».
وأضاف «من ضمن الأمور الأخرى، تقدمت الوفاق بمقترح يخص زيادة رواتب موظفي القطاع الخاص، يشمل تحميل الحكومة وليس الشركات مسئولية دفع الفرق، كما أن هناك مقترحا بقانون لدعم الأسر ذات الدخل المحدود. إضافة إلى ذلك، تبنت الوفاق قضية الجامعيين العاطلين وعددهم 1700 جامعي».
فشل حكومي في صرف الموازنة
ولفت إلى أن «الشيء المؤكد هو أن بمقدور الحكومة العمل على حل التحديات التي تواجه المواطنين في هذه الفترة بالذات: لماذا؟»، ثم أجاب «بسبب الاحتياطي المالي المريح أولا، فبحسب وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة يبلغ حجم الاحتياطي العام للبحرين 2200 مليون دولار (نحو 832 مليون دينار. وثانيا محدودية الدين العام المحلي، إذ بحسب الأرقام الرسمية يبلغ حجم الدين العام المحلي 545 مليون دينار (أي نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية). وتشير الإحصاءات الدولية إلى عبء أكبر فيما يخص المديونية، لكن في كل الأحوال وبحسب شروط الاتحاد النقدي الخليجي، فالمطلوب من الدول الأعضاء تقييد الدين العام بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي».
وأرجع النائب ظاهرة عدم الرغبة في الصرف الى «فشل حكومي متكرر في صرف الموازنة المخصصة للمشروعات الرأس مالية، إذ بلغت نسبة التنفيذ 76 في المئة في السنة المالية 2006، فضلا عن 53 في المئة في العام 2005. وبخصوص السنة المالية 2006، ففي الوقت الذي زادت الإيرادات بنسبة 44 في المئة إلى 1839 مليون دينار قلَّت المصروفات بنسبة 8 في المئة. وحدث التراجع بأكمله في خانة مصروفات المشروعات، إذ خصصت الموازنة مبلغا قدره 602 مليون دينار، لكن صرفت الحكومة 457 مليون دينار».
واستطرد فيما يتعلق بالفائض المالي «كنتيجة طبيعية لزيادة الإيرادات مقابل تراجع المصروفات، نجحت الموازنة في تحويل العجز المقدر بنحو 428 مليون دينار إلى فائض قدره 281 مليون دينار في السنة المالية 2006. وبدورها، قامت السلطات المالية بتحويل مبلغ قدره 140 مليون دينار لمصروفات السنة المالية 2007 (138 مليون دينار للمصروفات الإنشائية والباقي للمصروفات المتكررة). وليس من الواضح ما إذا قامت السلطات بتحويل المبلغ المتبقي (140 مليون دينار) إلى الاحتياطي العام للدولة.
خط الفقر 354 دينارا شهريا
وعلى صعيد الفقر، بيّن النائب أنه بحسب دراسة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تعود للعام 2004، فإن خط الفقر هو 354 دينارا شهريا لأسرة مكونة من ستة أفراد. وعلى هذا الأساس تم اعتبار 11 في المئة من الأسر تعيش تحت خط الفقر في البحرين في العام 2004. بالمقابل، تحصل عوائل أخرى على مساعدات من الصناديق الخيرية المنتشرة في البلاد. وفي المحصلة يعتقد بأن 16 في المئة من الأسر تحصل على مساعدات من الحكومة والصناديق الخيرية، لكن يحصل نحو 20 في المئة من الأشخاص أي أكثر من عدد الأسر نظرا إلى وجود عدد كبير نسبيا من الأفراد في الأسرة الواحدة على مساعدات بطريقة أو أخرى.
وتقدم وزارة التنمية الاجتماعية، بحسب النائب، «مساعدات محدودة للأسر المحتاجة، إذ تبلغ قيمة الفاتورة الشهرية لكل الأموال الممنوحة أقل من مليون دينار (تحديدا 913150 دينارا). وبحسب الشروط المعلنة، فإن الأسرة المكونة من فرد واحد تحصل على 70 دينارا. أما مبلغ 120 دينارا فهي للأسرة المكونة من خمسة أفراد و150 دينارا للأسرة التي يزيد عدد أفرادها على خمسة أفراد. ويلاحظ أن السواد الأعظم من الأسر تحصل على 70 دينارا شهريا والأقلية على 150 دينارا.
وبصورة أكثر دقة، فإنه من أصل 9796 أسرة فقيرة مسجلة في وزارة التنمية الاجتماعية، تحصل 5794 أسرة أو نحو 60 في المئة من الأسر على مبلغ شهري قدره 70 دينارا لا أكثر. وبالمقابل، تحصل 3091 أسرة على 120 دينارا فضلا عن 911 أسرة على 150 دينارا.
العصر الذهبي للمالية العامة
وختم حسين بالقول: «إن المطلوب من الحكومة تحمل التزاماتها تجاه المواطنين، وخصوصا في ظل وجود أزمة بطالة خانقة فضلا عن عدم قدرة قطاع واسع من المواطنين على التكيف مع ظاهرة التضخم مقابل أوضاع مالية مريحة للحكومة، إذ يمكن القول إن الدولة تعيش العصر الذهبي للمالية العامة بدليل وجود فائض مالي في الموازنة العامة واحتياطي مالي مريح إضافة إلى محدودية المديونية العامة».
العدد 1912 - الجمعة 30 نوفمبر 2007م الموافق 20 ذي القعدة 1428هـ