أكد الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) أن الزيادة المقترحة للوزراء ضمن مقترح الحكومة الذي أشيع عنه أخيرا تجعلهم يتسلمون ما يعادل 13 ضعفا من متوسط دخل الفرد في البحرين، وهو ما يفوق نظراءهم في أميركا. وقال «بهذه الزيادة سيكون وضع الوزراء في البحرين أفضل من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي تتسلم 190 ألف دولار سنويا (شهريا 6 آلاف دينار بحريني)، أي ما يعادل 4 مرات متوسط دخل الفرد في أميركا فقط». في الوقت الذي أكد فيه أن النواب في البحرين يعتبرون إحدى الشرائح «الأفضل دخلا» بين المواطنين البحرينيين حتى قبل إقرار الزيادة المقترحة من الحكومة.
وفي الوقت الذي أكد فيه عضو كتلة الوفاق النائب جاسم حسين رفض كتلته للمقترح الحكومي، اعتبر الحكومة «سيئة النية» في ربطها زيادة رواتب الوزراء بالنواب، فيما أكد عضو المكتب السياسي «وعد» المحامي سامي سيادي عدم وجود أي نص قانوني أو دستوري يدعم مقترح الحكومة بزيادة رواتب الوزراء والنواب، إذ سيعتمد هذا المشروع على إصدار تشريع تقاعدي خاص ممّا يتعارض بشدة مع مبدأ المساواة في الدستور.
جاء ذلك في الندوة التي أقامتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» مساء أمس الأول لتناقش فيها موضوع مقترح الحكومة في زيادة رواتب النواب والوزراء، وتحدث فيها كل من الأمين العام للجمعية إبراهيم شريف، وعضو مكتبها السياسي المحامي سامي سيادي، وعضو كتلة الوفاق النائب جاسم حسين.
وشهدت الندوة عددا من المداخلات لبعض الحاضرين، إذ قال الناشط السياسي موسى الأنصاري مخاطبا حسين «يجب أن يكون المجلس التشريعي أعلى من الحكومة وخصوصا في قرار صرف الموازنة، لو لم تكونوا تستطيعون أن تفعلوا شيئا فمن الأفضل أن تنسحبوا». فيما انتقد عدد من الحضور الرواتب «الضخمة» التي يتسلمها أعضاء مجلس الشورى، وخصوصا الرواتب التي يتسلمونها من عضوية كثيرين منهم في هيئات ومؤسسات مختلفة، وقالت الكاتبة والباحثة أمل الزياني التي حضرت الندوة «بعض الشورييين يتسلمون 7 رواتب جراء عضويتهم في عدد من المؤسسات والهيئات، علاوة على تسلمهم معاشا تقاعديا من الحكومة، كثيرون منهم يمتلك سككا مفتوحة في المراكز الحكومية، وكثيرون يعاد تعيينهم مرة وأخرى وكأن البحرين عقمت عن إخراج أسماء جديدة قادرة على الخدمة في مجلس الشورى، لتبقى المجموعة التي تتكرر في كل مرة. ويبدو أننا سنشهد السيناريو نفسه بالنسبة للنواب الذين بدأ كثيرون منهم يتسلمون المنصب مرة أخرى، لتبقى الوجوه نفسها في المجلسين حتى تتدخل قدرة إلهية تغيرها». وانتقدت الزياني زيادة رواتب النواب عبر المقترح الحكومي، مشيرة إلى أنها التقت شخصيا زوجة رئيس الكنيست الإسرائيلي بنفسه التي أبلغتها أن راتب زوجها الشهري لا يتعدى 3 آلاف و500 دولار أميركي. وأشارت إلى أن أيا من النواب لم يفتتح مقرا له فعلا، فلماذا تتم زيادة مخصصات المكتب لهم أصلا.
شريف: وزراؤنا يتسلمون أكثر من كوندوليزا رايس
وقال الأمين العام لجمعية «وعد» إبراهيم شريف في مداخلته إن المقترح المقدم من الحكومة الذي يشتمل على زيادة رواتب النواب بنسبة 50 في المئة يرفع مجمل ما يحصل عليه النائب إلى نحو 3 آلاف دينار، مشيرا إلى أن المقترح اشتمل على طرح بتقاعد النواب دون زيادة راتب النواب المحددة مسبقا (ألفي دينار)، فيما طرح بعض العلاوات الجديدة والزيادات للنواب، واشتمل المقترح على زيادة النواب.
وأضاف شريف أن «المشكلة في مقترح الحكومة أنه يمنح النواب حقا للحصول على النسبة التقاعدية بأثر رجعي، وهو الأمر الذي لم يتسن بالنسبة إلى المواطنين العاديين أثناء إقرار الزيادة الأخيرة». فيما انتقد عرض الحكومة تقديم زيادة للنواب في علاوة المكتب لاستخدام مساعدين، غير أن النواب لايزال ينقصهم استخدام مساعدين متخصصين.
وأضاف شريف أن زيادة الرواتب المقترحة للوزراء في مقترح الحكومة ترفع الراتب الشهري من 3 آلاف إلى 4 آلاف دينار بحريني قبل العلاوات، فضلا عن العلاوة الاجتماعية وقيمتها 500 دينار، والسيارة وبدل الهاتف، فيما يحصل الوزير على نسبة تقاعد تبلغ 80 في المئة من راتبه حتى بعد خدمته سنتين فقط وزيرا.
واعتبر شريف النواب إحدى الشرائح «الأفضل دخلا» بين المواطنين البحرينيين، مفسرا ذلك بقوله «يبلغ متوسط الرواتب في القطاع الخاص نحو 400 دينار في البحرين، فيما يبلغ نحو 700 دينار في القطاع العام. وبالتالي يبلغ المتوسط العام 550 دينارا. ولا يمكن أن نغفل أن 7 في المئة فقط من موظفي القطاع الخاص يحصلون على أكثر من ألف دينار شهريا، وسيكون النواب منهم، وبحساب بسيط يمكننا أن نقول إن النواب يعتبرون حاليا قبل إقرار الزيادة المقترحة من بين الشريحة الأعلى دخلا في البحرين التي تبلغ 2 في المئة فقط.
وفي مقارنة الرواتب المقررة للنواب والوزراء في البحرين مع الرواتب في الولايات المتحدة الأميركية التي اعتبرها إحدى «أسوأ الديمقراطيات في توزيع الثروة في العالم» أوضح شريف أن راتب رئيس الولايات المتحدة الأميركية يبلغ 400 ألف دولار شهريا، فيما يبلغ راتب نائبه نحو 208 آلاف دولار، مشيرا إلى أنه بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد في الولايات المتحدة الأميركية يتبين أن الرئيس يتسلم نحو 3.8 من نسبة متوسط دخل الفرد في الولايات المتحدة الأميركية. أما في المملكة المتحدة «بريطانيا» وهي أعرق الديمقراطيات في العالم فيتبين أن النائب في مجلس العموم البريطاني يحصل على مرتين ونصف ضعف متوسط دخل الفرد في بريطانيا، فيما أكد شريف أن النائب في بريطانيا لا يحصل على أية سيارات، أما عن نظامه التقاعدي فيمنح 10 في المئة من راتبه فقط، فيما يمنح مخصصات مكتب غير أن جهازا إداريا يشرف عليها بشكل خاص.
وبالمقارنة مع وضع رواتب النواب في البحرين أوضح شريف أن النواب يحصلون حاليا على رواتب تفوق مرتين ونصف متوسط أجر الناس (يحصل النواب على مكافأة شهرية ألفي دينار إلى جانب العلاوات، ويبلغ متوسط أجر الفرد في البحرين 550 دينارا)، وسيرتفع هذا الرقم مع الزيادة المقترحة من الحكومة ليحصل النواب على ما مجموعه 3 آلاف و750 دينارا شهريا.
وعن الزيادة المقترحة للوزراء قال شريف إن الوزراء في البحرين يتسلمون راتبا يفوق نظراءهم في الولايات المتحدة الأميركية، إذ إن راتب الوزير في الولايات المتحدة يبلغ 190 ألف دولار (ما يعادل 6 آلاف دينار شهريا)، وهو ما يعادل 4 مرات متوسط دخل الفرد الشهري في الولايات المتحدة. فيما يبلغ متوسط راتب الوزير البحريني الحالي مع العلاوات نحو 4 آلاف دينار بحريني شهريا، أي ما يعادل نحو 7 مرات متوسط دخل الفرد الشهري في البحرين، ولو تم إقرار الزيادة المقترحة في مشروع الحكومة قبل أن تتم زيادة المواطنين فسيتضاعف الفارق «ليعادل راتب الوزير نحو 13 مرة متوسط دخل الفرد في البحرين»، بحسب قوله.
وأضاف شريف «أما القول بضرورة رفع أجور الوزراء من أجل استقطاب الكفاءات في القطاع الخاص التي تتسلم أجورا أعلى بكثير من ذلك فهي نظرة خاطئة وخطيرة معا، فما الفائدة من استقطاب أشخاص مهما كانت كفاءتهم لشغل هذا المنصب إن كان ما يسعون إليه هو الأموال؟ لابد أن يكون العامل الرئيسي للجذب هو الخدمة العامة عبر المنصب وليس الحصول على أية امتيازات مادية».
واختتم بقوله «لو أرادت الحكومة أن تطرح مشروعا للزيادة فعليها أولا أن تقوم بزيادة رواتب المواطنين بنسبة لا تقل عن 80 في المئة قبل حتى تفكر في زيادة رواتب النواب والوزراء، ونعرف تماما أننا لن نشهد هذا الأمر، ربما تشهده الأجيال المقبلة».
حسين: الحكومة «سيئة النية»
في مزجها زيادة النواب والوزراء
من جانبه قال عضو كتلة الوفاق النائب جاسم حسين إن الزيادة في المقترح الحكومي للنواب لا تشمل أصل المكافأة الشهرية التي تبلغ ألفي دينار، ولكنها تشمل إضافة علاوات جديدة أو زيادتها.
وقال «زيدت علاوة الهاتف للنواب إلى نحو 250 دينارا شهريا وهو أمر معقول إذ إن فاتورة هاتف النائب تفوق المئتي دينار شهريا غالبا، إضافة إلى استحداث علاوة جديدة تبلغ 500 دينار أطلق عليها اسم علاوة تمثيل». وأضاف مازحا «زيدت علاوة الهاتف لأننا نضطر كثيرا إلى الاتصال بالمواطنين الذين دأبوا على عمل (مس كول) لنا، فيما خصصت علاوة التمثيل أساسا للنائب لكي يلبس جيدا ويأكل في مطاعم جيدة ويحافظ على مظهره العام».
وأوضح حسين أن المقترح الحكومي يتضمن إنشاء صندوق خاص ينظم معاشات ومكافآت التقاعد في حالات الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل، مضيفا أن المقترح ينصّ على أن يحصل النائب على 40 في المئة من المكافأة الشهرية التي لم تتغير فعلا حتى بعد الزيادة لأنها شملت العلاوات. وأضاف أن النائب بحسب المقترح الجديد يحصل على راتب تقاعدي بمقدار 10 في المئة عن كل سنة في حال بقي فصلين تشريعيين، وهذا يعني أنه في جميع الأحوال لن يحصل النائب على أكثر من 80 في المئة من الراتب الأساسي كراتب تقاعدي.
وأضاف «لدى النواب فهم مبدئي وتقبل لمقترح تقاعد النواب، إذ إن هناك حاجة لضمان وضع النواب بعد تقاعدهم وخصوصا أن كثيرين منهم فقدوا وظائفهم نتيجة ترشحهم للبرلمان. غير أنهم لم يتقبلوا موضوع زيادة الرواتب واعتبروه أمرا غير مبرر، فيما طالب كثيرون بالتعرف على أوضاع النواب في الدول القريبة من البحرين... من الواضح أن الحكومة كانت سيئة النية في طرحها موضوعي رواتب الوزراء والنواب في مقترح واحد، فهما موضوعان منفصلان تماما، وأعتقد أنه كان نوعا من التكتيك السياسي وجسّ نبض الشارع، إذ تم تسريب المقترح لوسائل الإعلام عمدا فيما لم يتم تسليمهما رسميا للمجلس التشريعي حتى هذه اللحظة».
وعن رأي كتلة الوفاق البرلمانية في هذا الخصوص قال حسين إن الوفاق تأخرت في بيان وجهة نظرها في هذا المقترحة نتيجة مروره على عدة لجان متخصصة، وفي النهاية وصلت الجمعية إلى قرار أوضحته في بيانها الذي أصدرته بهذا الخصوص، مؤكدة أنه لا يمكن النظر في موضوع زيادة رواتب النواب والوزراء في ظل سوء أوضاع المواطنين، مؤكدا ضرورة أن ترجع الحكومة بعض المقترحات المهمة بالنسبة للمواطنين التي رفعتها الوفاق منذ الفصل التشريعي الأول.
وأضاف حسين «الوضع المالي الحالي بالنسبة للمالية العامة في البحرين يعتبر مريحا جدا، فهي تمرّ بما يشبه العصر الذهبي حاليا، ولابد من الاستفادة منه وإلا ضاعت فرصة ارتفاع أسعار النفط وفوائضه المالية. المشكلة لدينا في البحرين أنه على رغم أن الحكومة تمتلك الأموال إلا أنها لا تحب أن تصرفها».
سيادي: لا سند قانونيا لمقترح زيادة النواب والوزراء
من جانبه نفى عضو المكتب السياسي في «وعد» المحامي سامي سيادي وجود أي نص قانوني أو دستوري يدعم مقترح الحكومة بزيادة رواتب الوزراء والنواب، مشيرا إلى أن المادة 96 من الدستور نصت على موضوع «مكافآت النواب» محدّدة أن ما يمنح للنواب هو «مكافأة» وليس راتبا، مشيرا إلى أن المادة 40 من الدستور حددت مقدار هذه المكافأة. بينما حددت المادة 43 من قانون مباشرة الحقوق السياسية موازنة خاصة لمجلسي الشورى والنواب تضاف للموازنة العامة.
وأوضح سيادي أن قانون التقاعد بدوره وضع عددا من المرتكزات لاستحقاق الخدمة التقاعدية، من بينها الاشتراكات وعدد سنوات الخدمة وقيمة الراتب، فيما يحسب الراتب السنوي على أساس مدة الخدمة التي تحسب بالمدة التي قضاها الموظف في الحكومة حتى بلوغ سن الستين، مضيفا أن القانون حدد أيضا نطاق التطبيق للموظف البحريني عبر سلم الدرجات الوظيفية لتطبيق قانون التقاعد.
وأضاف سيادي «في حالة تطبيق أو تمرير أي شكل من أشكال القوانين لزيادة الوزراء والنواب فسيكون هناك إخلال بمبدأ دستوري صريح وهو المساواة بين المواطنين، فلا يعقل أن يعمل موظف في الحكومة 40 سنة ويحصل على 80 في المئة فقط راتبا تقاعديا، ويحصل النائب على فوق ذلك بكثير».
أما بخصوص نظام التقاعد فأكد سيادي أنه يقوم أساسا على مبادئ الاشتراكات والخدمة والراتب، وهنا يمكن تسجيل مخالفة دستورية أخرى في مشروع الزيادة المقترحة للنواب والوزراء إذ لا تطبق هذه المبادئ على باقي المواطنين مما يخل بمبدأ المساواة.
وقال «لا يوجد أي سند أو منفذ قانوني يمكن أن ينطلق منه هذا المشروع، إذ سيعتمد هذا المشروع على إصدار تشريع تقاعدي خاص ممّا يتعارض بشدة مع مبدأ المساواة كمبدأ دستور».
وأشاد سيادي في نهاية حديثه بموقف الكتلتين البرلمانيتين (الوفاق والمستقبل) اللتين اتخذتا موقفا صريحا مضادا لهذا المشروع، راجيا أن يكون هناك ثبات على هذا الموقف.
العدد 1911 - الخميس 29 نوفمبر 2007م الموافق 19 ذي القعدة 1428هـ