في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم، والبحرين سبّاقة دائما، ولديها غرام بالمراكز الأولى دائما، فانتقلت العدوى إلى بعض النواب الذين يطالبون وأنصارهم، ومعهم كتّاب المنصات ومراسلو العلاقات العامّة، يطالب هؤلاء الناشطين الأهليين ممن خاضوا تجربة الانتخابات النيابية عدم الحديث عن الشئون البرلمانية، معللينَ ذلك بأنه؛ لا يجوز لهم الحديث، إذ سيكون حديثهم ثأريا أو كيديا أو مطعون في صدقيته! والبعض الآخر، يطالب بأدنى من ذلك مرتبة فيقول: لو فاز لكان مثل غيره في المجلس، ولذلك فعليه أنْ يصمت!
وبهذا المنطق، الذي أدلى به كاتب المنصات ومراسل العلاقات العامّة والذي أملاه عليه أسياده في البرلمان، فإنه لو أنّ جميع الذين خاضوا التجربة البرلمانية أو البلدية مُنعوا من الحديث في الشأن العام، أو الحديث عن أداء النواب، فإنّ مجموع مَنْ سيتم حرمانهم من حق نقد أداء النواب سيكون قرابة الألف إنسان، وذلك بجمع عدد من خاض انتخابات المجالس البلدية والنيابي في الأعوام 2006 و 2002 ومَنْ ترشّح لبرلمان 1973. فهل هذا منطق يتسم بالعقلانية؟!
ولو تم تطبيق ما يُطالب به كاتب المنصات ومراسل العلاقات العامّة بالتضامن والتضامم مع النواب الحاليين؛ لم يكن لدينا أستاذ في عالم الصحافة البحرينية كعلي سيّار! أو آخرون غيره قدّموا للبحرين الكثير والكثير، بل وأكثر مما قدّمه نواب الحصّالات السياسية وكتّاب المنصات والعلاقات العامّة، والذين لا هم لهم إلاّ الارتزاق من حبر أقلامهم، تارة في مدح مسئول وأخرى في ذم غيره! و»هذا اللي قاصر... عوجه والطابق مكشوف».
من جانب آخر، وبشكل خاص، فأنني أقدّر عاليا رأي الإخوة والأخوات، وتحديدا اللائي يستخدمنَ عدّة كنيات لا أعلم حقيقة أمرهنّ، طلبهم منّي عدم الحديث عن الشأن العام وتحديدا أداء النواب، ولكني اختلف معهم، بل إنّ الأصل لديّ المشاركة في الشأن العام ومتابعة الحراك السياسي وليس الامتناع عن ذلك، ولعلّ أكثر مقالاتي التي كتبتها في حياتي الصحافية القصيرة (سبع سنين فيهنّ سمان وعجاف) هي مقالات سياسية وأعمدة صحافية تعنى بالبرلمان كجزء من العملية السياسية. بل وحتى النواب الذين يطلبون اليوم من الناشطين الأهليين عدم الحديث عنهم أو نقد أدائهم، هم ذاتهم كانت لهم تجربة انتخابية سابقة، ولم يطلب منهم أحدٌ السكوتَ وعدم الحديث عن الشأن العام والبرلمان. بل أنهم ذاتهم (النواب الحاليين) أسسوا لجانا ولجانا، وتزعموا الاعتصامات السياسية!
وكما إنّ للإخوة والأخوات رأيا محترما، فإنّ غيرهم يرى أنّ مَنْ يترشّح للبرلمان يكون رجلا يعمل في الشأن العام، والشأن العام ليس مقصورا على جوانب دون أخرى، ولذا يُطالب غيرهم بانخراط المهتمين بالشأن العام، وتحديدا ممن ترشّح للانتخابات البلدية أو النيابية، الالتصاق بالجماهير والمساهمة الفاعلة فيما تمور به الساحة السياسية من أحداث. وأعتقد أنّ الصواب هو المساهمة وليس الجلوس على دكّة الاحتياط أو اللجوء إلى الهامش السياسي... وهناك فاعلون في الساحة السياسية، وإنْ لم يفوزوا بمقعد في البرلمان، إلا أنهم فازوا بأخلاقهم وأخلاق المجموعات العاملة معهم، وذلك الفوز الحقيقي، ولم يخسروا أخلاقهم أو يطعنوا في منافسيهم ويلمزوهم بالصفات والنعوت غير الأخلاقية - وغير الإسلامية ألبتة!
وعودا على بدء، فإننا لَنْ نصمتَ عن الحق، والحقّ أحق أن يتبع. وكمثال على نتيجة إيجابية تحققت من عدم سكوتنا وحديثنا الدائم حولها هو موضوع زيادة رواتب الوزراء والنواب وتقاعد النواب، الذي لو صمتنا عنه دونما مراجعة ومحاسبة ومتابعة وتدقيق، وفتح المحضر تلو المحضر، وكتابة المقال تلو المقال، لكان قد مرّ هنيئا مريئا كما يتخلل الماء أصابع اليد. والشاهد على ذلك إنّ كثيرا من النواب، بل من جميع الكتل، حاولوا تبرير الموافقة على تمريره! فهل المطلوب منّا أنْ نصمت عن تلك القضايا لمجرد إننا كنّا قد خضنا تجربة انتخابات نيابية سابقا؟! تأليف الموسيقى مساحة لتقريب الأديان
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1910 - الأربعاء 28 نوفمبر 2007م الموافق 18 ذي القعدة 1428هـ