قد تكون اليابان إحدى الدول التي يشهد لها التطوّر الصناعي والتكنولوجي في العالم غير أنّ هذا البلد الواقع جغرافيا في أقصى الشرق مازال يسعى في لعب دور آخر وخصوصا فيما يتعلق بتعزيز مبدأ الصداقة مع أطراف أخرى من العالم وذلك بهدف نقل الوجه الآخر عن اليابان وتقوية العلاقات مع البلدان التي لاتزال تجهل شكل اليابان الثقافي.

وفي ضوء ذلك شهدت العلاقات البحرينية - اليابانية تقدّما ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، وخصوصا فيما يتعلق بتعزيز الجانبين الدبلوماسي والسياسي وقد تمثل ذلك بالزيارة التاريخية التي قام بها وزير الخارجية السابق ناذب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة التي كانت بمثابة أوّل زيارة قام بها مسئول بحريني رفيع المستوى إلى العاصمة (طوكيو) في العام 2001.

لقد سعت اليابان من خلال البحرين وبعض دول المنطقة لنقل وجهة النظر اليابانية إزاء القضايا التي تخص منطقة الشرق الأوسط وخصوصية مجتمعاتها التي لا تزال تجرّها الأوضاع السياسية إلى الوهن، خالقة بذلك مخاوف في إمكانية استمرار أمنها واستقرارها الذي هو شيء يهم اليابان على اعتبار أن دول المنطقة، المصدرالرئيسي لاستيراد الطاقة والمواد الخام التي تحتاج إليها في صناعاتها التي أيضا تصدّرها إلى الخليج وباقي دول العالم.

غير أنّ السياسة الجديدة التي انتهجتها اليابان بشأن دول الخليج قد بدأت تحظى بالاهتمام مع تزايد التبادل التجاري والاقتصادي واستيراد النفط والغاز الطبيعي من دول المنطقة لابل دفعتها الى دراسة العقلية والخصوصية الخليجية وثقافتها إلى جانب ما خلفته الثقافة العربية والإسلامية من أثرعلى شعوب المنطقة.

ولعلّ السفير الياباني السابق في المنامة اونو ياسوكي الذي سيزور العاصمة البحرينية قريبا قد عبّر عن الاهتمام المتنامي لليابان اتجاه دول الخليج في أكثر من مناسبة وأيضا من خلال تنظيمه لبرامج وزيارات متبادلة وأنشطة أهمّها ندوة «حوار الحضارات» في البحرين بين مثقفين يابانيين وخليجيين.

ويكفي أنه علّق لي في لقاء سابق نشرته «الوسط» قائلا: «انه من الصعب أن أذكر غنى التجربة الخليجية ولاسيما تجربتي في البحرين فهي فترة أقدّرها كونها مميزة، إذ عايشت فيها أحداث سبتمبر/أيلول وحرب العراق، بالإضافة الى الإصلاحات السياسية التي شهدتها البحرين والتي كانت بمثابة نقلة نوعية لأهل هذا البلد وهو ما جعلني اتفهم عن قرب الخصوصية البحرينية وطبيعة الخليجيين».