دشّن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أمس تقرير التنمية البشرية الثامن عشر، الذي تحدّث عن تحدّيات «التغيير المناخي» على أساس أنه تحدٍّ للدول وللشركات وللمجتمع، وأصبح الجميع مطالبين - أكثر من أيِّ وقت مضى - بحماية البيئة، وخصوصا أنّ «أجندة الألفية» قد حددت العام 2015 لإدماج مبادئ التنمية المستدامة في السياسات والبرامج الوطنية بهدف وقف اضمحلال الموارد البيئية. وعلى العكس من التوجُّه نحو تحقيق أهداف الألفية فقد حذّر التقرير أمس أنّ التغيير المناخي لم يعد سيناريو للمستقبل، بل إنّ الأراضي تتعرض للجفاف حاليا، والفيضانات ازدادت، والعواصف أصبحت تدمِّر الفرص الإنسانية المتاحة، وإنّ التدمير البيئي أصبح سببا من أسباب انعدام المساواة في العالم.
والبحرين - بغض النظر عن التقارير الرسمية - تتجه نحو تدمير البيئة البحرية والأرضية والجوية، بسبب سياسات مستمرة منذ زمن غير قصير تهدف إلى تحقيق الربح السريع على حساب البيئة وعلى حساب الوطن... وخليج توبلي ليس الضحية الأولى، وإنما هو الأقرب بالنسبة إلى الناس، ولكن ما خفي أعظم بكثير، فالتدمير البيئي حاليا يهدد الثروة السمكية بعد أنْ قضى على الزراعة في أكثر مناطق البحرين. وقد تحدّث تقرير الأمم المتحدة أمس عن الدول الباعثة لمستويات مرتفعة للكربون - الذي يلوث البيئة - بما فيها البحرين، وطالب بوجوب البدء ببرامج إدارة البيئة لكي نحصل جميعا على تغيير إيجابي مع حلول العام 2020، في حال بدأنا الآن.
المنسق المقيم لبرامج الأمم المتحدة في البحرين سيد آغا قال: «إنّ مملكة البحرين آخذة في التقدم على مقياس دليل التنمية البشرية (HDI) بتحقيق 0.866 على المقياس البالغ 1.000» واضعا المملكة في ترتيب 41 على مجموع الدول البالغ 177 دولة ومنطقة، وإنه ومنذ اعتماد هذا المقياس «حققت مملكة البحرين تقدما تصاعديا على مر السنوات بغض النظر عن الترتيب مع مختلف الدول». وقال إنّ البحرين «حققت تقدما ملحوظا مقارنة بالعام الماضي حيث تقدّم مؤشرها للتنمية من 0.859 إلى 0.866 هذا العام، وهناك دولتان فقط في العالم حققتا تقدما أفضل من البحرين، وهما قطر والإمارات».
على أن أهم نقطة في الموضوع أنّ البحرين فيما يتعلق بالبيئة تفتقر إلى أية استراتيجية وطنية، ومناهج التربية والتعليم ليست لها علاقة، ووزارات الأشغال والإسكان والزراعة والبلديات والكهرباء والماء وغيرها ليست لديها أية هيكلية مترابطة لحماية البيئة... كما أنّ البرلمانيين لم يطرحوا أي تشريع متكامل يحدد معالم الاستراتيجية والآلية المطلوبة لتحقيق المستوى المنشود من قبل الأمم المتحدة. إنّ التحقيقات البرلمانية تركز حاليا على أمور الدفان وبيع الأراضي البحرية، وهو موضوع يستحق التحقيق، ولكن لا يوجد من يطرح تحقيقا في موضوع البيئة، وكيف أنّ استمرار الوضع الحالي سيفقدنا السمك الذي نأكله والماء الذي نشربه، وقد يؤدّي بصعود منسوب المياه مترا أو مترين، وفي هذه الحال قد تغرق نصف البحرين. إنّ القطاع الخاص أصبح حرا وطليقا من أية التزامات بيئية؛ لأنّ الحكومة ليست لديها أية استراتيجية محكمة ولا تهتم بالبيئة، وبالتالي فإنّ السباق بين القطاعين العام والخاص هو في تدمير البيئة وتحقيق المزيد من الأرباح. وهذا يعني أنّ تقرير الأمم المتحدة الذي صدر أمس سيقع على آذان صماء في الحكومة وفي القطاع الخاص... ولربما أننا سنفتح آذاننا فقط عندما يقرر إعصار مماثل لـ «غونو» أن يضربنا بسبب استمرارنا في تدمير البيئة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1910 - الأربعاء 28 نوفمبر 2007م الموافق 18 ذي القعدة 1428هـ