يستغرب البعض من الفرحة العارمة التي غمرت اللجنة الأولمبية بعد أنْ كسرت البحرين رقمها في عدد الميداليات في البطولة العربية الأخيرة التي اختتمت قبل أيام في مصر، والتي جاءت فيها المملكة في المركز الرابع عشر من أصل 18 دولة حققت ميداليات وآخرها فلسطين، وكأننا نلعب البطولة العربية من أجل تحطيم الأرقام البحرينية فقط.
وكثرت خلال البطولة العناوين التي كانت تشير أيضا إلى أن المتسابقة الفلانية أو المتسابق الفلاني حطم رقمه الشخصي، لكنه لم يحقق أية ميدالية من الميداليات الثلاث حتى البرونزية، وكأننا في بطولة بحرينية داخلية، الهدف منها التدريب وتحطيم الأرقام الشخصية.
لكن الأكثر غرابة هو الأرقام التي حطمها لاعبونا المجنسون الذين استقطبتهم الدولة من أجل الدفاع عن ألوانها، لكنهم لم يحققوا حتى الآنَ على رغم الصرف الكبير الذي يتلقونه لإعدادهم وصقلهم سوى تحطيمهم لأرقامهم الشخصية، وآخرهم السّباحة سميرة البيطار التي على ما أعتقد بأنها لا تمكث إلا أياما معدودات في البحرين - على اعتبار أنها تحمل الجنسية البحرينية - وكانت تدرس وتعيش وتتدرّب في الخارج بأموال الدولة التي تصرف عليها، وأتذكر أننا كنا نحصل فقط على معلومات سابقة من المؤسسة العامّة من أنّ البيطار تقوم بمعسكر في أميركا استعدادا للبطولات العربية والعالمية المقبلة، لكنها حتى الآنَ لم تقدم ما يشفع لها بحمل الجنسية البحرينية والمبالغ الكبيرة التي تصرف على خامات ربما ليست بمقدورها حمل راية الوطن في المحافل الدولية.
ماذا استفادت البحرين من الأرقام الشخصية التي حطمتها هذه السبّاحة؟ ففي كلّ سباق تدخله تحطم هذه الأرقام التي لا تعدو أرقاما سهلة يحققها مَنْ يحصل على مثل هذا الدعم والمعسكرات الذي تحصل عليه البيطار، هل تجلب هذه الأرقام ميداليات وعز وافتخار لأهل البحرين؟ وهل تفرحنا هذه الأرقام وتجعلنا نفرد السطور والعناوين من أجل أرقام شخصية لم تحقق شيئا وستكون من الذاكرة المنسية؟ ثم تعالوا نتساءل، لماذا تفرح اللجنة الأولمبية والمؤسسة العامّة بارتفاع حصيلة الميداليات التي أحرزتها البحرين وكأننا حققنا ما يشابه البطولة؟ وهي جاءت في المراكز الأخيرة من جدول الميداليات النهائي، إذ لم نسبق إلا دولا تعاني الأمرّين رياضيا أو سياسيا يؤثر على الرياضة، فنحن نسبق لبنان واليمن وعُمان وفلسطين فقط، فالأوّل يعاني لاعبوه من آثار الحروب وغياب الدعم نتيجة النزاعات الداخلية، والثاني إمكاناته لا تقارن بإمكانات البحرين على الأقل المادية، والثالث دائما ما يكون خلفنا رياضيا، والرابع لا يحتاج للتعليق، إذا لماذا تفرحون؟ فنحن لم نتخط على الأقل الدول الخليجية السعودية وقطر والإمارات والكويت والتي ربما نقارن وضعنا معها.
ثم ألا يستحي المسئولون وهم يرون المواطن البحريني الغيور يحقق الميداليات أكثر من اللاعبين الذين جُنسوا من أجل ذلك وحصلوا على الدعم على عكس المواطن، فمن أصل 22 ميدالية حققتها البحرين، كان نصيب المواطن الأصلي 11 ميدالية، ونحن نعرف مدى الدعم الضعيف الذي يحصل عليه المواطن بالمقارنة مع المجنّس الذي يحصل علاوة على الراتب الشهري والمعسكرات المطوّلة والمشاركات الكثيرة التي تصقل اللاعب، ولو كان المجنسون لا يحصلون على الدعم كما يحدث للمواطن فإنه بالتأكيد سيغادر لدولة أخرى.
وأتذكر هنا من باب المثال ما قامت به سبّاحة أسترالية وهي بطلة أولمبية بالاعتزال لغياب الدعم قبل 9 شهور من انطلاقة الدورة الأولمبية، وأنا أجزم بأن أكثر من حقق من لاعبينا المواطنين ميداليات في هذه الدورة العربية، لم يحصل على الدعم قبل مشاركته أو على الأقل لم تكلف الدولة نفسها عبر جهاتها المسئولة ترتيب أوضاع اللاعبين المشاركين في أعمالهم أو دراساتهم، وهنا مثال آخر يضرب في منتخب الكرة الطائرة الذي عانى كثيرا من موضوع صانع اللعب، بعد رفض وزارة الداخلية إعطاء حسين متروك الإجازة، إذ كيف لا تعطي الدولة لاعبا يمثل البلد إجازة بل وبراتب.
كل هذه الأمور لا تجعلنا نفرح -يا سادة- بهذا الرصيد المخجل وبهذه الأرقام الشخصية التي نسيت منذ تحققت فهي لا تفيد.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 1909 - الثلثاء 27 نوفمبر 2007م الموافق 17 ذي القعدة 1428هـ