وأخيرا... صدر الإنذار الأخير للوزيرة الوحيدة المتبقية في الحكومة.
المفارقة هنا أن الإنذار لوزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي لم يصدر عن كتلةٍ برلمانيةٍ تهدّدها باستجواب أو لجنة تحقيق. ولم يأتِ من الجمعيات الأهلية التي تشعر بمحاولة الوزارة خنقها وتكبيل حركتها، عبر القانون الجديد المقترح الذي أثار الكثير من اللغط والغضب. كما لم يصدر التهديد من الصناديق الخيرية التي طالبتها الوزارة بالتحول إلى جمعيات... وإلاّ فإن مصيرها التصفية وتجميد الأموال واعتبارها خارجة على القانون!
التهديد هذه المرة جاء من أحد ورثة عقلية «أمن الدولة»، الذي يستكثر على المعلّمين المطالبة بحقوقهم، ويستكثر على جمعيتهم أن تنظم اعتصاما سلميا خارج وقت الدوام للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية وإقرار كادر لائق بمربّي الأجيال البحرينيين.
وزارة التربية التزمت الصمت على كل الانتقادات الموجّهة للسياسة التعليمية العامة وبدعة «الدوام المرن» والبعثات والترقيات والواسطات، بينما كانت تسرع للرد في اليوم التالي على الشكاوى المتعلقة بالحافلات و«كولرات» الماء، لكن الأيام تكشّفت عن خطة سرية للهجوم المضاد، بدأت تتضح من خلال نشر ردود بأسماء وهمية، والغريب أن الردود نفسها تنشر مرة باسم رجل، ومرة باسم امرأة، تارة باسم «مواطن»، وتارة باسم «ناشط تربوي»، (وهو مصطلح نسمعه لأول مرة في التاريخ)! ويبدو أن «الجماعة» منظمون جيدا كما قالت بعض التقارير! وعموما، كل هذه المحاولات عمليات «تسلل» مكشوفة تدلّ على عدم الالتزام باللعب النظيف!
كان واضحا للمراقبين استهداف الجمعية وإدارتها خلال الأسابيع الأخيرة، فالجمعية التي تمثّل آلاف المعلمين، ليس من حقها أن تطالب بحقوقهم، أو وضع شارة سوداء احتجاجا على تعامل الوزارة معها بتعالٍ وفوقية، أما إذا فكّرتْ باعتصامٍ سلمي بعد الدوام فقد كفرتْ بالله واليوم الآخر!
ولأن مقالات تحريض وزارة الداخلية على ضرب المعتصمين بمسيلات الدموع لم تعد مجدية هذه الأيام، فإن أحد «الوشاة» لجأ إلى تحريض وزارة التنمية لاتخاذ إجراءات لغلق الجمعية واعتقال إدارتها وشنق رئيسها. وأخذ يوجّه الوزيرة للفقرات القانونية التي اعتمدها في إصدار أحكامه «القراقوشية». ولأن الوزارة لم تكثرث به، عاد ليصدر إنذاره الأخير، محذّرا من أن «تردّد الوزارة ليس في مصلحة الوطن»، فالسكوت يهدّد الأمن والاستقرار ويهرب الاستثمارات!
على وزيرة التنمية أن تدرك خطورة الموقف، فهذا هو الإنذار الأخير من الناطق الرسمي باسم الحكومة، والممثل الشرعي للشعب والأمين العام لاتحاد الجمعيات السياسية والأهلية والحقوقية. فهو يرى أن اعتصامات الجمعية مخالفة للفقرة (ب) من المادة (28) من الدستور، «فقد أمهلكناكم وقتا كافيا، وانتظرنا ردّكم الذي لم يصل»، ولذلك «اضطررنا أمام الوطن والرأي العام، وأمام قرائنا ومتابعينا»، إلى إرشادكم وتوجيهكم لتتحمَّلوا مسئوليتكم التاريخية، واتخاذ موقف من هذه الجمعية الخارجة على القانون! ومازلنا ننتظر موقفا واضحا وإعلانا صريحا من الوزارة، أما الخوف والتردد فهو كارثة ستحيق بهذا الوطن. وسنعود إلى الموضوع خلال أيام إذا لم تقم الوزيرة بدورها، فإذا لم تنفع معها «مقالاتنا» فهناك لجنة تحقيق تنتظرها في البرلمان!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1909 - الثلثاء 27 نوفمبر 2007م الموافق 17 ذي القعدة 1428هـ