إنّ الديمقراطية السياسية مرتبطة بمصطلحين أساسيين الإصلاح السياسي والتنمية بمشروعها الشمولي.
إنّ هذين المصطلحين هما محل تساؤل كلّ فرد وعلى وجه الخصوص في مجتمعاتنا (العالم الثالث)، إذ إنّ الديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية هي حلم كلّ فرد على وجه الكرة الأرضية حتى بالدول المتقدّمة ولكن بأولويات متفاوتة، تعتمد على أولويات تجاوزها الزمن بفترة، ولكن مازلنا نحن في أمس الحاجة إلى خطة عمل استراتيجية تنطلق من رؤية واضحة تحدد الأهداف المجتمعية لتنمية شاملة يشارك بها الجميع السلطة التشريعية والتنفيذية والحراك المدني وكذلك المترددون، إيمانا بأنه لن يتم النهوض بوطن من دون أن تكون هناك خطه قائمة على الواقعية والفكر المستنير والمبادرة الجديدة. وانطلاقا من التحديات المتعددة والمتنوعة التي تواجه المنطقة في الوقت الراهن يجب تحديد الأهداف العامّة والقطاعات الإنتاجية والخدمية التي نسعى إلى تطويرها، وذلك من أجل تحقيق التنمية البشرية الشاملة والمطلوبة، وهذا يعنى أنْ نقوم بحشد الإمكانات المتاحة المادية وغير المادية لإحداث تحوّلات واسعة وعميقة في بنية المجتمع والمؤسسة السياسية، وصولا إلى حالة جديدة تتصف باستمرارية النمو السياسي والتنموي، وديناميكية التطوّر العلمي والتكنولوجي, وحدوث الازدهار الثقافي الذي لا يطفئ ثقافتنا بشقيها الحضاري والاجتماعي. «يعتبر النمو الإصلاحي، وتحسين مستوى حياة المواطن، ورفع سقف الحريات السياسية وغير السياسة، والقضاء على البطالة والفقر، والإصلاح الإداري والتعليمي هى الأهداف الأساسية التي يجب أنْ نسعى من أجلها؛ لتجسيدها على أرض الواقع». ولكن هل السلطة التنفيذية أو الإخوة في السلطة التشريعية يقومون بوضع الخطط الكفيلة لبلورة هذا المشروع ونقصد هنا الإصلاح والتنمية المنشودين التي أسس دعائمها جلالة الملك إذ إنّ هذين المصطلحين لا يحتاجان إلى تفاسير كيلا يفسرها بعض المعنيين بأنها من العموميات أو غير محددة المعالم.
من هذه المقدّمة أوجّه رسالتي إلى كلّ مَنْ يهمّه الأمر خصوصا صانعي القرار وكذلك المعنيون بالتشريعات «نواب البرلمان». إنّ الإصلاح المنشود لابدّ أن يسير جنبا إلى جنب مع التنمية وذلك لوجود علاقة وثيقة بين النظامين، نقطة البداية هنا، والواجبات التي يجب الانطلاق منها في الإجابة عن هذه التساؤلات، ترتبط بالبيئة التي تعمل بها هذه المؤسسات ومدى إمكان اعتبارها مواتية ومحفزة للعمل على خلق خطط ممكن الانطلاق منها أو البناء على أسسها وفى هذا الإطار ممكن الحديث عن طبيعة التفاعلات البينية بين الشركاء المفترضين في عملية الإصلاح والتنمية، وتتعلق أيضا بما تثيره محدودية التفاعلات البينية بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، أمّا البيئة الثانية فترتبط بمحور ثقافة المجتمع ذاتها و بالحراك المدني وما خلفته قضية الركود السياسي من مشكلات متعددة ومتداخلة في المجتمع البحريني بالفترة السابقة.
إنّ تشخيص هذه العوامل في مجموعها يوضح حجم الحراك السياسي الذي تشهده الساحة البحرينية غير المتناغم، وعلى رغم أنّ النتائج المباشرة لتلك الحراك، تم التغيير لما هو أفضل ولكن لا يرقى إلى ما يطمح له الفرد، وذلك لا ينفي أن هناك تباينا في درجة استقبال هذه النتائج ومن ثم في المردود وانعكاسه مرة أخرى في شكل أدوار جديدة. ويثير هذا التباين في درجة التجاوب مع الحراك الإصلاحي الكثير من القضايا الإجرائية والسياسية, مثل - حجم التأثير، ومدى ارتباط فاعلية المؤسسات المدنية بنوع الجماعة التي تشارك فيها, وعلاقة ذلك بكيفية تكوين تلك المؤسسات ونوعية قيادتها. وبالتالي يتضح عدم فاعلية المجتمع المدني والغياب الإرادي أو القصري لغياب مكوناته الفاعلة ناهيك عن غياب الرؤى والتخطيط من قبل الجهات المعنية سوى كانت من السلطة التنفيذية أو التشريعية. هذه النتيجة يمكن اختبارها في المقولة التي تتعلق بدور السلطة التنفيذية والتشريعية بوضع الرؤى والاستراتيجيات التي تمكن من تدعيم الإصلاح التنموي للفرد والمجتمع إذ تعد العدالة الاجتماعية بمفهومها الحداثي كيلا يسيء البعض هذا الفهم، ونقصد هنا قدرة المنظمات غير الحكومية على خلق الأسباب التي تسهم في دعم هذه الخطط والرؤى إن وجدت؟! وسد الفجوة بين الحكومة والأفراد، إذا ما هو المطلوب؟
بما أنّ المطلوب بنظر البعض كثير وربما يتجاوز قدرات وخبرات وتركيبة نخبته، كما أنّ البيئة الحاضنة له لا تساهم فى تطوير آلياته بالقدر الذي يوفر بلورة تنفيذ خطط شمولية فمن باب أولى الابتعاد عن التعقيدات والبيروقراطية والحسابات السياسة، فعلى السلطة التشريعية والتنفيذية اشتراع قوانين واستحداث مؤسسات تقلل من سوء استعمال السلطة إنْ وجدت وتسهل مراقبة المسئولين، وتجيز معاقبتهم إنْ هم أساءوا استعمال مسئولياتهم.
فمن المعلوم أنّ السلطة + المعرفة = مجتمع عادل.
وفي المقابل نشكر الحراك المجتمعي والمدني والقائمين عليه حتى ولو كان لم يلبِّ الطموحات المرجوة للأسباب التي ذكرناها سالفا فمشوارالألف ميل يبدأ بخطوة.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 1908 - الإثنين 26 نوفمبر 2007م الموافق 16 ذي القعدة 1428هـ