العدد 1907 - الأحد 25 نوفمبر 2007م الموافق 15 ذي القعدة 1428هـ

معلمونا وتدريس المواطنة

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

قد لا نكون مبالغين إذا قلنا إن كل فرد منا تقريبا يعتقد بأن المدرسة هي مكان الإعداد للمواطنة، فنقل المواطنة هو هدف راسخ للتعليم، وهو ببساطة أقدم المواقف التعليمية، وهو أكثر المداخل قبولا لدى مدرسي المواطنة الذين يُوجهون إلى ضرورة العمل على نقل المواطنة لطلابهم، صحيح أنه على مدى أكثر من نصف قرن لم يتفق التربويون على معنى المواطنة، لكنهم متفقون على أن الهدف من تدريسها هو خلق المواطن الصالح وهو الذي يقوم بواجباته ومسئولياته ويعي حقوقه، وأن يؤدي ما هو متوقع منه ويقوم بتحقيقه، لكن يبقى السؤال مطروحا: هل ما نسعى إليه هو ما يحدث في الميدان؟

مازالت المدارس تعتقد بأن تدريس المواطنة هو بمثابة نقل لثقافة المواطنة كهدف أولي للتدريس، وهذا بحد ذاته يركز على الجانب المعرفي، وقد أثبتت الدراسات والبحوث التربوية أن محتوى المادة الذي يعتبر ضروريا للمواطنة ينسى بسرعة، إذ إن 10 في المئة فقط من محتوى المادة يمكن أن يتذكر حتى بواسطة أكثر الطلاب قابلية للتعلم، هذه حقيقة دفعت البعض إلى ضرورة تدريس المادة أكثر من مرة حتى يصبح تأثيرها المتعاقب أكثر تأثيرا ورسوخا، إذ تستخدم الحقائق والمعلومات لنقل المعتقدات والقيم، لكن التكرار الآن لم يعد مجديا، إذ يعتبر هدرا للوقت والطاقة، واستخفافا بالقدرات العليا للإنسان، كما أن نقل المعلومة بشكل أسطوري ومثالي لا يتناسب مع أدوات التعليم الفعال المنطلق من حاجات المتعلم كمحور أساسي في عملية التعلم، إذ إن تلقي المعلومة عن طريق البحث والنقاش أصبح أكثر نفعا.

يجب علينا مساعدة معلمي المستقبل والممارسين لتدريس المواطنة، فكثير منهم يعيش حالا من الإرباك وعدم الفهم فيما ينبغي منهم تأديته بالضبط، وما يجب عليهم تدريسه؟ وكيف يجب عليهم تنمية المواطن الصالح؟ إذ لجأ جميعهم إلى التلقين لأنه الأداة الأكثر سلامة والأكثر قبولا؟ وهو أبسط بكثير من عملية تدريب الطلاب على البحث، واتخاذ طرق تعليم تقدم للطالب فهما سليما، وتنمي فيه الاستقلالية والتفكير الناقد، وفي الوقت ذاته تتيح للطالب أن يتعامل مع المواطنة كشيء فطري يقبله بل أن يجعل من مفاهيمها قيما إذ لا يوجد شيء أكثر قيما من مساعدة الطلاب على فهم قيمهم بتقدير عميق، وبالتالي فليس من الحق معالجة النصوص من منظور ايجابي فقط وتجاهل حقائق لأنها غير سارة.

هذه الأمور لم تكن بعيدة عن اهتمام مدرسي المواطنة، لكنهم يرون صعوبة في مراعاة هذه الاهتمامات في ضوء وقت لا يسمح لهم إلا بتدريس ما جاء في الكتاب المدرسي، واهم شيء يمكن أن يفعلوه هو نقل مجموعة من الحقائق والمعتقدات لطلابهم، لكن لكي نحقق النتائج المرغوبة، ينبغي أن يختار واضع المنهج بعناية محتوى التعليم، وأن يفسره للمعلم قبل الطالب، ومن هذا المنطلق وجب علينا إعداد معلم المواطنة والاهتمام بما يلاقيه من صعوبات قبل غيره، لأن عليه المعول في نقل المواطنة بصورة سليمة وسلسلة خالية من التعقيد، بجعل مادة المواطنة محببة يقبل عليها تلاميذ المدارس من دون إجبار، فكيف يتم لنا ذلك؟

قبل استعراض المقترحات والتوصيات دعونا نستعرض أولا الانطباعات العامة لمعلمي المواطنة والتي حصرتها من خلال متابعتي لمجموعة من المعلمين، إذ كنت ضمن الفريق العامل في متابعة تطبيق المنهج في المدارس وهي:

أجمع المعلمون على أن تطبيق منهج التربية للمواطنة في المدارس يعد خطوة مهمة لتعريف النشء بأهميته كمواطن يسعى إلى الحفاظ على وطنه من خلال غرس روح الولاء للوطن والقيادة السياسية وتجسيد دور المواطنة بين الحقوق والواجبات.

1 - أثنى الجميع على التقنية العالية في الإخراج الفني للكتاب الذي جاء مشوقا للطالب، وخصوصا في المراحل الأولى من التعليم الأساسي. كما أبدوا ارتياحهم من وجود الأنشطة المعززة التي تساعد المعلم على تثبيت المعلومة بشكل عملي.

2 - هناك بعض الجوانب الفنية التي صاحبت تطبيق المنهج والتي أدت إلى خلق بعض الصعوبات على معلمي المقرر، منها ضيق الوقت بسبب إلحاق مادة المواطنة بالمواد الاجتماعية ولم يعطَ المعلم حصة دراسية إضافية ليتمكن من تدريس المقرر بالصورة المرضية، كما أنه خلق ربكة لدى الطلبة بسبب وجود كتابين للمواد الاجتماعية.

3 - أبدى غالبية معلمي المواطنة أنهم بحاجة إلى كتاب استرشادي لتدريس الكتاب وخصوصا فيما يتعلق بالجانب الحقوقي ومواد الدستور.

4 - الحاجة إلى دورات تدريبية في مجال التنمية السياسية والنظرية الديمقراطية.

5 - اتفق جميع معلمي المواطنة على أن هناك موضوعات جاءت بمستوى أعلى من مستوى الطلبة، وتعاني بعض الكتب من حشو كبير للمعلومات وتطويل في بعض الدروس كما هو الحال في كتاب الصف الأول الإعدادي.

6 - معلمو الصف الأول الابتدائي أبدوا ملاحظات مهمة تتعلق بالأنشطة، إذ إن غالبيتها اقتصرت على ما بين اليد والعين «ملاحظة وتآزر» من دون اللجوء إلى التفكير والتعبير الإبداعي الذي يناسب هذه المرحلة، كما أن طبيعة ورق الكتاب لا تساعد على التلوين.

أما التوصيات والاقتراحات فنختصرها فيما يأتي:

- إنشاء قسم خاص للمواطنة يتبع إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم يناط به تأليف الكتب ومتابعة تطبيق المنهج والأنشطة الداعمة له.

- من المستحسن أن ينفرد معلم خاص بتدريس مقرر التربية للمواطنة في المدرسة بحيث يشرف على الأنشطة الموجهة في هذا المجال لجميع طلبة صفوف مدرسته.

- يخضع هذا المعلم لدورة تدريبية لمدة عام كامل يدرس فيها ويعطى شهادة ممارسة تدريس المواطنة.

- وضع حصة منفردة لتدريس مقرر التربية للمواطنة.

- تزويد معلمي المقرر بكتيب استرشادي لطرق التدريس وكيفية تطبيق أنشطته، كما يزودون بالكفايات الخاصة بالمنهج.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 1907 - الأحد 25 نوفمبر 2007م الموافق 15 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً