العمل التجاري الحر والنزيه في أي بلد لا يمكن له مطلقا أن يحرم أو يمنع، بل على العكس من ذلك يشجع ويمنح كل الدعم، لكن في كثير من الأحيان يمكن أن يكون العمل التجاري (عملا مشروعا أريد به باطلا)، فلجوء بعض المسئولين إلى إقامة شركات يملكونها في الباطن بأسماء أقربائهم وذويهم للاستفادة من فواتير مشتريات المؤسسات العامة والوزارات، هي أحد مظاهر الفساد إن لم تكن أبرزه.
أتذكر جيدا قبل سنوات حين أشيع في أحد البلاد العربية عن قضية فساد تتعلق بإصدار قانون لاستخدام «طفايات الحريق» في إحدى أنواع المركبات على الشوارع، والغرض منها تسيير أعمال أحد المسئولين الذي يورد كميات كبيرة من هذه »الطفايات».
الحمد لله، ربما لم نصل إلى المرحلة التي وصلت إليها تلك البلاد العربية، لكن دعنا نتفق على أن تفضيل شركة معينة أو مؤسسة خاصة في تعاملات مؤسسة حكومية على غيرها في المشتريات الصغيرة عند إصدار كل أمر أو فاتورة شراء، هو أمر منافٍ للعدالة، إذ إن المواطنين جميعهم سواسية، وخصوصا إذا ما وجدت أسعار أفضل لدى مؤسسة أخرى.
هل نصل إلى مرحلة تدار بها مشتريات الوزارات – على الأقل التي لا تخضع لمجلس المناقصات – لأعمال عائلية؟! الكثير من المتسلقين على أكتاف «التجارة النزيهة» قد يسيئون إلى الكثير من التجار الشرفاء المعروفين أو من أصحاب الثورة التي جنوها بكدهم وعرقهم.
نحن نؤمن تماما بأن مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء تفرض علينا كوننا مسلمين أن نكون نزهاء في تعاملاتنا وأن نكون واصلين لأرحامنا، لكني لا أعتقد أن تطبيق مبدأ «الأقربون أولى بالمعروف» في المشتريات التي تنضوي تحت مسمى «القطاع العام» قد يكون هو التطبيق الصحيح لما علمنا إياه ديننا الحنيف!
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1907 - الأحد 25 نوفمبر 2007م الموافق 15 ذي القعدة 1428هـ