العدد 1906 - السبت 24 نوفمبر 2007م الموافق 14 ذي القعدة 1428هـ

لا تقتلوا يوسف!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

حتى هذه اللحظة فشل النواب كما فشلت الحكومة في وضع قانون عادل يحمي حقوق العامل البحريني الذي أصبح دمية تتلاعب بها الشركات الكبيرة، و يوما بعد آخر نسمع عن زج المئات إلى حيث المجهول.

إلى متى سيبقى الموظف البحريني أسيرا لشرذمة «بعض المسئولين الأجانب»، فما إن يمسك مسئول أجنبي بإدارة شركة حتى نسمع عن شبكة عنكبوتية من العصابات الفاسدة التي تعيث في الشركات فسادا، وتحيل مئات العوائل البحرينية إلى الفقر بجرة قلم!

لم أعد أشك في أن العصابات الأجنبية التي تسيطر على بعض الشركات الوطنية تقف وراءها رؤوس كبيرة... كبيرة جدا، أحيانا بالدعم المعلن والسافر، وحينا بالدعم الخفي المطلق من تحت الطاولة، وفي غالب الأحيان بالسكوت على الجريمة، فهنا لا لسان للحكمة ينطق من الحكومة.

لن يجدي نفعا الكلام المعسول الذي سئمناه عن الاهتمام بالعمالة الوطنية، باعتبارها ثروة بشرية حقيقية، لأن هذا الشعار أصبح فاقدا لمغزاه ويجب ألا يستمر البعض في علكه، ومن يدعي الاهتمام بالثروة الوطنية فليوقف عملية «الهولكوست» التي يتعرض لها مئات الموظفين البحرينيين المهددين بالفصل.

إحقاقا للحق فإن جميع الكتل البرلمانية «الوفاق، الأصالة، المنبر والمستقبل» تحركت من أجل إنقاذ مسلسل الإجرام بحق البحرين الذي تقوده عصابات الفساد، وبدأت هذه الكتل تلوح بتفعيل دور ضاغط على الحكومة والتي تتحمل المسئولية مرتين، مرة لأنها تشارك في هذه العملية غير الإنسانية في الشركات التي تتملك فيها حصصا كبيرة وربما الأكبر منها، وهي مدانة مرة أخرى لأنها تقف متفرجة إزاء ما يجري، تاركة الحبل على الغارب، بل ولربما ترسل إشارات خضراء للعصابات الأجنبية أن تسرح وتمرح من دون حسيب ولا رقيب.

الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين يقوم بدور حيوي وفاعل، وهو بلا شك دور مشكور ومقدر، وكذلك النقابات العمالية، فهي تلجأ للاعتصام تلو الاعتصام، ولكن لا يمكن تصحيح هذا المسار الخاطئ إلا بوقفة صادقة من الحكومة، وهي مطالبة بتحمل مسئولياتها تجاه هذه الجريمة التي ترتكب في رابعة النهار!

مسميات كثيرة وحيل مختلفة ابتكرتها الإدارات الأجنبية لشركاتنا من أجل تركيع البحريني، تستدعي موظفا عمل معها لسنوات طوال، لتقول له بدم بارد: «نحن مستغنون عن خدماتك» أو «إيلس في بيتك»، لذلك نحن نطالب النواب بشكل جدي بإجبار الحكومة على منح الشركات - وخصوصا تلك التي تمتلك فيها حصصا كبيرة - فرصة زمنية معقولة لتصحيح الوضع أو على الحكومة أن تسارع في تغيير ممثليها في جميع الشركات الوطنية، وهذا الإجراء الجريء يجب أن يكون سريعا وحاسما، لكي لا تصبح الحكومة شريكة مع الذئاب التي تنهش من لحم البحريني.

أمام الأرباح الهائلة، وكل يوم نسمع عن أرباح بالملايين، إلى أين تذهب هذه الأموال، ومن يشرف عليها، ولماذا لا ينتاب الموظف البحريني المسكين نصيب منها، بل يجبر البحريني أمام كل طفرة في الأرباح بأن يحزم أمتعته لمغادرة الشركة، ليفترش هو وعائلته التراب، متضورا بالجوع أمام هذا الديوان أو تلك الوزارة.

لا يعقل أننا ندعي الصدارة في التنمية البشرية ولدينا 80 ألف مواطن يعملون برواتب ما دون الـ 200 دينار على حد اعتراف الحكومة، لأن معاشات الـ 200 دينار «عيب والله عيب في حق البحرين»، في الوقت الذي يتخطى فيه سعر البرميل 90 دولارا في السوق العالمية، ومخجل جدا حينما نسمع بعض الشركات تكابر على صحة هذا الوضع!

حسنا فعل وزير العمل مجيد العلوي حين سلّم الحكومة مذكرة تتضمن اقتراحا مشفوعا بآليات عملية لإنقاذ موظفي القطاع الخاص، ولكن مع الأسف أهملت الحكومة هذه المذكرة، ولم تحلها إلى أية لجنة وزارية لمناقشتها، بل البعض لازم الوزير على تقديمها أصلا، ولذلك فإن الأفضل من هذا الاقتراح هو إقرار قانون الحد الأدنى للأجور.

الله الله في موظفي هذا الوطن، فلا يأخذنكم الطمع، ولا تسلب الملايين من قلوبكم الرحمة على أبناء جلدتكم، حافظوا على هذا البحريني الذي تهينون كرامته حين تمسون وحين تصبحون، فعلى الحكومة والنواب أن يتقوا الله في أبناء البحرين...، وعليهم أن يوقفوا «الهولكوست»... الكل يناشدكم: «لا تقتلوا يوسف»!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1906 - السبت 24 نوفمبر 2007م الموافق 14 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً