الحديث الذي أثاره النواب بشأن وجود 2000 وظيفة شاغرة في القطاع العام، ورد ديوان الخدمة المدنية بالنفي، موضوع بحاجة إلى دراسة ونفض الغبار عن الحقيقة... ولكن مع أهمية الموضوع، فإن هناك موضوعا أكثر إلحاحا منه، وهو وجود الوظائف والكوادر ورؤساء الأقسام الذين يمكن أن نطلق عليهم موظفين أو رؤساء أقسام بلا حقيبة!
لن نذكر الوزارات والجهات التي تمتلئ بهذه الظاهرة الغريبة، ولن نقول هذه المرة “العهد على الراوي”، لأن هؤلاء الموظفين الذين يضعون الغترة ويتفنون بنسفها، يشغلون وظائف من دون أن تكون لهم مكاتب، بل أن لدى هذه الوزارات رؤساء أقسام بلا موظفين وبلا مكاتب ولا “هم يحزنون” فما الغرض من هذه السياسة العمياء يا ترى؟
المشكلة لا تقف عند هذا الحد، وصدق أيها القارئ أو لا تصدق أن بعض هؤلاء الموظفين من ذوي “الغتر” اللامعة يدرسون في بعض الجامعات المعروفة على حساب هذه الجهات لأسباب مجهولة، ويعملون في الوقت نفسه ويتسلمون رواتب على عملهم الذي لا ندري ما وصفه الوظيفي بالضبط! ولا نعلم متى يعمل هؤلاء في هذه الجهات مادام غالبيتهم تنتظم في الدوام الصباحي!
إن الأزمة الكبيرة التي تعاني منها معظم وزارات الدولة والمتمثلة في قلة الإنتاجية لم تأت من فراغ، بل أن السياسات “العوجة” التي يتبعها كثير من المسئولين في هذه الوزارات، كانت سببا مباشرة في الحال المأسوي الذي يمكن أن توصف به بعض وزارات الدولة، وأسهم ذلك في نشوء فكرة مفادها أن الوزارات أبنية تحوي النيام والباحثين عن تربية “الكروش”، ليس لأن الموظفين لا يملكون أي أعمال ولا يمكنهم أن ينجزوا، وخصوصا أن لدى هذه الوزارات كوادر مؤهلة تحمل شهادات معترف بها، ولكن المشكلة تكمن في سياسة أولئك المسئولين الذين يفترشون الكراسي ولا يمكن أن يتنازلوا عنها، وليس بغريب أن نعلم أن بعض المسئولين لا يملكون مؤهلا جامعيا!
الشخص المناسب في المكان المناسب... سياسة لا نسمع عنها إلا في التصريحات، ولم نقرأها إلا في كتب الدراسة، والواقع الذي من المفترض أن يحاكي السياسة العامة بات يخالف جميع مضامينها. وإذا تحدثنا عن الحل، فإن الحل بعيد المنال حاليا لأننا ورثنا كما كبيرا من التجاوزات وإرثا من الفساد الإداري والمالي.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1905 - الجمعة 23 نوفمبر 2007م الموافق 13 ذي القعدة 1428هـ