يستغرب الزائرون من ولايات ودول أخرى أحيانا عندما يعرفون أن ولاية أيوا ليست منبسطة بشكل كلي، وأن هناك أكثر من مجرد حقول الذرة في هذه الولاية.
قد تكون أكثر عمليات الاستكشاف التي تقوم بها شدة هي ما نقوم به مرة كل أربع سنوات عندما يقوم المرشحون للرئاسة بطرح قضاياهم أمام الأمة الأميركية من خلال التعرف علينا أولا. يستغرب المقيمون خارج ولاية أيوا كثيرا من هذه الرقصة السياسية، ولكن إذا لم يتكلم أحد سكان أيوا وجها لوجه مع ثلاثة مرشحين رئاسيين على الأقل فهو على الأرجح مختبئ في مكان ما.
أقول هذا لأننا في أيوا نسمع من المرشحين عن كيف يتوجب على أميركا أن تأخذ زمام القيادة أكثر في زرع الأمل في النفوس وتحقيق السلام في العالم. كقس مسيحي، أوافق مع هذا الكلام بشكل كامل. بعد الإنصات إلى تقارير انتخابية كثيرة على شبكات الإذاعة الوطنية قبل بضعة شهور، سمعت مقابلة مع إيبو باتيل، وهو مسلم شاب ذو بصيرة. قام باتيل بتأسيس «جوهر الشباب عبر الديانات»، وهي تجربة بدأت تأخذ طريقها لتصبح حركة. وهي تهدف إلى جمع الشباب من الكثير من العقائد والأديان معا لخدمة الغير، لقد أذهلتني عبقرية الفكرة وقمت فورا بشراء كتابه «أعمال في الإيمان».
قبل سنتين أتمّت كنيسة وولنت هيلز المنهجية الموحدة حيث أخدم كراعٍ رئيس عملية لتطوير رؤيتنا في رعاية الكنيسة عبر المستقبل القريب. لم أكن أدري ما أتوقعه من تلك العملية، ولكن النتيجة كان مجموعة من المبادئ ننوي من خلالها التعبيرعن إيماننا - العدالة الاجتماعية والروحانية المعمقة، وعلى رأس القائمة الشراكة عبر الأديان، لم تكن رؤيتنا فقط أن نكون لطفاء مع أتباع الأديان الأخرى، وإنما أن نحدد رحلتنا المسيحية عبر علاقات مهمة مع المسلمين والهندوس والبوذيين والموحدين وغيرهم.
عندما سمعت عن مؤثر جوهر الشباب عبر الديانات في شيكاغو في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول قمت بدعوة مديرة كنائس الشباب جولي ستون للانضمام إلي في المشاركة. مثل المشاركون الخمسمئة جميع الفئات العمرية وجميع أساليب اللباس وجميع اللهجات والتبعيات الدينية. تم التخطيط لوجبات الطعام بدقة لتلائم الاحتياجات الغذائية لهذا الطيف الواسع من المعتقدات. كانت الصلوات والشعائر التي سبقت كل وجبة متنوعة تنوع اللغات التي تليت فيها تلك الصلوات.
ولكن ذلك لم يكن انطباعي الأول. كان انطباعي الأول أن هذه الفروقات لا أهمية لها. هي مهمة لنا طبعا من حيث تجارب إيماننا الشخصية. فنحن نأكل الأطعمة ونصلي الصلوات ونمارس الشعائر التي تعطينا وضوحا أعظم في أدياننا الهندوسية والمسلمة واليهودية أو المسيحية.
ولكن عندما اجتمعنا جميعا، كان من دواعي الدهشة لي السرعة التي وجدنا فيها أساليب للانفتاح نحو بعضنا بعضا، والسرعة التي اعتبرت فيها فروقاتنا ليست عوائقا. ولكن حتى يتسنى حدوث ذلك الإدراك يجب علينا أن نكون معا.
أذكر ليلة قام بها إيبو بتعريف متحدث كان يكن له إعجابا شديدا. قال إنه في عالم الإسلام يوجد لهذا الرجل أتباع كثيرون. كان اسمه الشيخ حمزة يوسف. نظرنا أنا وجولي الواحد إلى الآخر. لم نكن قد سمعنا به من قبل مطلقا. ولكن عندما أنصتنا إليه تشجعنا بشكل عجيب مبهج. في عالم من المؤسف أنه تواق جدا لتعرية نواقص الآخرين في التقاليد الدينية المتنوعة، كان هذا الرجل يتشارك معنا بالأمل نفسه من أجل العالم من منظور إسلامي نحمله بداخلنا كمسيحيين.
أثناء رحلتنا بالحافلة إلى الفندق أعربنا عن جهلنا بيوسف لإمرأة مسلمة تعرفنا عليها يومها. أخبرتنا بلطف بالمزيد عنه. كما هو الأمر عادة في مثل هذه التجمعات، اكتشفنا ناحية أخرى عن تقاليد عقيدة أخرى لا نستطيع ببساطة أن نستمر بجهلنا عنها. أعتقد أن هناك وعدا كبيرا عيش رحلات عقيدتنا بشكل كامل بالتشارك مع أناس من أديان أخرى.
في حفل الغداء الختامي جلسنا أنا وجولي مع الكثير من الشباب والشابات، يهوديان وثلاثة مسلمين وبوذي. أخبرني الشاب البوذي عن سعادته للقائنا حول مائدة الغداء. طلب أن يأخذ صورة لنا. فكرت بالمعاني العميقة لذلك، إذ إنه يريد أن يتذكر مسيحيين قابلهما.
كلا، أجابني. إنه يعرف الكثير من المسيحيين. ولكننا أول مسيحيين يقابلهما من أيوا!
* قس مسيحي ومؤلف وملحن «أغاني» وكاتب مقالات، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1904 - الخميس 22 نوفمبر 2007م الموافق 12 ذي القعدة 1428هـ