مجلس الوزراء أمَرَ بإنشاء «مجالس تنسيقية» تابعة للمحافظات، ويقوم كلّ محافظ برئاسة مجلس تنسيقي يتكوّن أعضاؤه من مختلف الوزارات لدراسة وضع كلّ منطقة من ناحية «أمنية». المجالس البلدية (المنتخبة) اعتبرت أنّ هذه «المجالس التنسيقية» يتناقض دورها مع الدورالذي تلعبه بشكل مباشر، خصوصا أنّ المحافظات يتم مدّها بإمكانات أكبر من المجالس البلدية، وبالتالي فإنّ خلق كيان آخر تحت مسمّى مجالس تنسيقية يعني في النهاية إلغاء دور المجالس البلدية.
المجالس البلدية الخمسة من حقها أنْ تعترض على خلْق كيانات جديدة منافسة لها، وفي الواقع فإنّ وجود «محافظة» جنبا إلى جنب «بلدية» يحتاج بحد ذاته إلى مراجعة؛ لأنّ التضارب في كثير من المهمّات حاليا واضح للجميع رغم تأكيد المسئولين على أنّ دور المحافظات «أمني»، بينما دور البلديات «خدمي».
المجالس البلدية ربما صمتت على الغبن الذي تشعر به منذ العام 2002، ولكنها الآنَ تشعر بأنّها تحت خطر المصادرة من قبل «المجالس التنسيقية» التي - وبحكم صلاحيات صادرة من مجلس الوزراء - لديها القدرة على «إجبار» الوزارات الأخرى أكثر مما تستطيع المجالس البلدية القيام به.
مجلس الوزراء وجّه وزارتي الداخلية والبلديات إلى التفاهم وذلك بعد اعتراض المجالس البلدية، ولكن الواقع يقول إنّ هناك تضاربا واضحا بين الأدوار، وهناك «بطالة مقنعة» تزداد يوميا، ومن كلّ جانب، والمجالس التنسيقية لاحاجة لها من الأساس.
حاليا، فإنّ الوزراء يشعرون بالحرج في التعامل مع المجالس البلدية، على اعتبار أنّ لديهم أوامر بالتعامل مع المجالس التنسيقية التابعة للمحافظات. كما أنّ المجالس التنسيقية قامت بتعيين أعضاء سابقين في المجالس البلدية وآخرينَ لم ينجحوا في الانتخابات السابقة، وأطلقت عليهم مسمّى «ممثلينَ عن الشعب» رغم أنّ الشعب لم ينتخبهم. ثم أنّ تسمية أشخاص في هذه المجالس التنسيقية على أساس أنّهم يمثلون الشعب ضرب مباشر، وتحت الحزام، للمجالس البلدية المنتخبة.
ثم أنّ المجالس التنسيقية لديها أعضاء في وزارات خدمية، مثل: التربية، الصحة، الإسكان، الأشغال، الكهرباء... الخ، وهؤلاء وبحكم وجودهم في هذه المجالس يستجيبون إلى أمر واحد، وسوف يتجاهلون أيّ توجيه من المجالس البلدية. ثم أنّ المبرر الذي خُلقتْ من أجله هذه المجالس التنسيقية يبدو وكأنّه محاولة لفرض المحافظات على البلديات رغم أنف الجميع.
المشكلة أنّ الحكومة تصرّ بشكل شديد على خلْق بديل للمجالس البلدية رغم أنّ كلّ مبرر تطرحه لخلْق هذه الكيانات الجديدة مردود عليه بالوقائع والأحداث والأرقام. وعليه، فإننا نتوجّه إلى القيادة السياسية؛ لإعادة النظر في هذا المشروع الذي سيخلق لها مشكلات أكثر مما تتصوّر، خصوصا أنّ سياسة الفرض أصبحت منبوذة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2277 - السبت 29 نوفمبر 2008م الموافق 30 ذي القعدة 1429هـ