حجزت محكمة الاستئناف الكبرى الجنائية المنعقدة أمس (الأربعاء) قضية بانوش الدانة الغارق للحكم في تاريخ 5 ديسمبر/ كانون الاول المقبل.
وكان وكيل المتهم الأول في القضية البانوش المحامي عبدالرحمن غنيم تقدم في الجلسة السابقة بمذكرة دفاعية إلى هيئة المحكمة ذكر فيها أن هناك أخطاء شابت حكم محكمة أول درجة القاضي بحبس موكله مالك البانوش 10 سنوات، لافتا إلى أنها عاقبت بأشد العقوبات التي لم يوجد مثلها في الكتب والعالم العربي، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن أركان حكم محكمة أول درجة هي الإهمال ومخالفة القانون، وأنها نسبت لموكله تسيير السفينة وهي غير صالحة ودون ترخيص لنقل الركاب، في حين بدأ الدفاع بتفنيد تلك الأركان، وقال إنه لم يكن لها واقع في الأوراق تماما. واستند غنيم في ذلك إلى أن جرائم القتل الخطأ لا تتخذ فيها أقصى عقوبة بالنظر للأسباب المباشرة التي أدت إلى الواقعة، مشيرا إلى أن شهادة شهود الإثبات وهم الركاب والتقرير الفني من اللجنة التي انتدبتها النيابة العامة لتقديم تقرير عن الواقعة كلاهما لا يصلحان للإدانة عن الإهمال، مدللا على ذلك بكون الركاب غير مؤهلين لتقييم كون السفينة صالحة أم لا.
وأضاف أن موكله مالك البانوش أتى بالسفينة من الدوحة في العام 1996 ولم يكن لمثل هذا النشاط التجاري في البحرين أي وجود، واشتراها بمبلغ 120 ألف دينار في حين كانت تسير في الدوحة دون عيوب أو شكاوى، وحين قدِمَ بها قدّم طلبا لإدارة خفر السواحل بتسجيلها في حين لم يكن يعلم بأي عيب فيها ولكن كان يعلم أن هناك سلطات مختصة تفحص السفينة وتصدر تصريحا لها، وهي الجهة ذاتها التي تقرر صلاحية السفينة من عدمها. وأفصح غنيم عن أن تسجيل البانوش جاء بطلب المالك، إذ طلبت إدارة خفر السواحل من المالك بعض الأوراق والثبوتات وأصدرت شهادة تسجيل التي لا تصدر إلا باستيفاء شروط السلامة وغيرها.
وأردف أن القانون لم يشترط لممارسة النشاط التجاري الذي قام به المتهم مالك البانوش غير شهادة التسجيل الصادرة من إدارة خفر السواحل، في حين أشار إلى أنه لا يصح مساءلة موكله عن كون السفينة صالحة أم لا؛ لأن ذلك من اختصاص إدارة خفر السواحل.
وفند غنيم أقوال اللجنة الفنية المشكلة أمام النيابة العامة التي أشارت إلى أن المالك لم يصدر شهادة ترخيص للسفينة، وحين طلب من النيابة ضم الملفات تبين أنها اختفت وأرادت إدارة خفر السواحل التي يشكل أفراد اللجنة أعضاءها أن تتنصل من مسئوليتها عندما وافقت سابقا على تسيير السفينة. وأكد غنيم أن رحلات السفينة في البحرين بلغت 22 رحلة ذهابا وإيابا دون مشكلات، وهو ما شكل قبولا ضمنيا وموافقة على حركة السفينة والترخيص، مشيرا إلى أن آخر رحلة للسفينة قبل الحادثة كانت بسياح بلغوا 82 فردا تابعين لوزارة الصناعة والتجارة ولم يشتك أحد.
وبالنسبة إلى التقرير الفني الذي قدمته اللجنة فقد قدم غنيم مذكرة كتابية أفاد فيها أن التقرير لا يصلح لنسب صلاحية السفينة من عدمها، إذ أشار إلى أن السفينة حين غرقت غاصت في الماء وتحطم معظم هيكلها حين سحبت للشاطئ من إدارة خفر السواحل وهو ما يقلص احتمال اكتشاف الخطأ من اللجنة الفنية.
وعن إشكال عدم وجود رخصة نقل للركاب قال غنيم إن القانون لا ينص أساسا على وجود رخصة لنقل الركاب، وهذا ما جاء على شهادة الشهود وإدارة خفر السواحل، مشيرا إلى عدم جواز التعويل على الإدانة بقانون غير موجود أساسا، وحتى لو كان موجودا فإنه لم يكن السبب في القتل الخطأ حسب تعبيره.
وعن كون المالك أوكل قيادة البانوش لربان غير مؤهل قال إن ربان البانوش (المتهم الثاني) يملك رخصة محترف لقيادة مثل بانوش الدانة، وكونه يملك الرخصة من عدمه لا يكون سببا في القتل الخطأ كذلك، مشيرا إلى أن محكمة النقض المصرية أكدت أن الرخصة لا يمكن أن يعول عليها في حكم الإدانة.
وأكد غنيم أن اللجنة الفنية أشارت لضلوع جهات رئيسية في الأسباب منها إدارة خفر السواحل التي أصدرت شهادة لفحص بانوش الدانة دون فحصه، وكذلك وزارتا الإعلام والصناعة والشركة المستأجرة. ولفت إلى أن النيابة رأت أن من أسباب الغرق سرعة القبطان ودورانه المفاجئ، وهو ما قضت به محكمة أول درجة، ولكن المحكمة نفسها بحثت عن أية إدانة لمالك البانوش، في حين أشار إلى أن محكمة أول درجة أخطأت في تطبيق القانون؛ لأن السفينة لم تكن في إدارة المالك ولم يحدث بها عيوب يوم أن كانت في إدارته، وطبقت تلك المحكمة الظروف المشددة بالنسبة لقتل أكثر من ثلاثة أو غيرها مع أن المالك لا يعلم بتلك الظروف.
يشار إلى أن محكمة أول درجة أدانت المتهمين الأول (مالك البانوش الغارق وهو مستثمر بحريني) والثاني (وهو قبطان السفينة الآسيوي الجنسية) وحمّلتهما مسئولية أكبر كارثة غرق عاشتها البحرين وراح ضحيتها 58 قتيلا أجنبيا، وخلّفت الكثير من المصابين وما تبعها من نتائج، وقضت المحكمة على مالك البانوش بالسجن 10 سنوات وقدرت مبلغ 10 آلاف دينار كفالة لوقف تنفيذ الحكم، فيما قضت المحكمة حضوريا بحبس المتهم الثاني (ربان السفينة) مدة ثلاث سنوات مع النفاذ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة بالمصاريف
العدد 1903 - الأربعاء 21 نوفمبر 2007م الموافق 11 ذي القعدة 1428هـ